للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يلزمنا شئ من المعارضات التى أوردها الأوّلون. لأنا نقول لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التى سماها الشارع كفراً. فلا ملجئ إلى التأويلات التى وقع الناس فى مضيقها (وأما) أنه يقتل فلأن حديث: أمرت أن أقاتل الناس ونحوه، يقضى بوجوب القتل لاستلزام المقاتلة له. ولا أوضح من دلالتها على المطلوب. وقد شرط الله - فى القرآن - التخلية بالتوبة وإقامة الصلاة وإبتاء الزكاة. فقال {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فلا يخلى سبيل من لم يقم الصلاة. وعن أم سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون. فمن أنكر فقد برئ. ومن كره فقد سلم. ولكن من رضى وتابع. فقالوا ألا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا " أخرجه مسلم (١) {٧٣}

فجعل الصلاة هى المانعة من مقاتلة أمراء الجور (وحديث) لا يحل دم أمرى مسلم، لا يعارض مفهومه المنطوقات الصحيحة الصريحة. والمراد بقوله فى حديث جابر "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر تركَ الصلاة (٢) " كما قال النووى - أن الذى يمنع من كفره كونه لم يترك الصلاة. فإن تركها لم يبق بينه وبين الكفر حائل (واختلف) القائلون بوجوب قتل تارك الصلاة. قال الجمهور يضرب عنقه بالسيف. وقيل يضرب بالخشب


(١) انظر ص ٢٤٢ ج ١٢ نووى (وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع) (ولكن) الإثم (على من رضى) بالمنكر (وتابع) مرتكبه.
(٢) تقدم رقم ٦٥ ص ٤١.