فعجز: لا يطالب في الدنيا ولا في الآخرة (١)، ولو رده وارث الغاصب فللمغصوب منه مطالبته في الآخرة نصًّا (٢).
(فصل) وإن أكره على إتلافه ضمنه مكرهه، وكذا من أغرى ظالمًا بأخذ مال إنسان، وإن حفر بئرًا في فنائه لنفسه ضمن ما ظف بها (٣) وإن حفرها في سابلة واسعة لنفع المسلمين لم يضمن، فإن كانت ضيقة ضمن بلا نزاع، وإن بسط في
مسجد حصيرًا أو علق فيه قنديلًا لم يضمن ما تلف به، وإن ربط دابة في طريق ولو واسعًا أو أوقفها فيه (٤) ويده عليها فأتلفت شيئًا أو ترك فيه طينًا ولو قشر بطيخ فتلف به شيء ضمنه الملقى، ومن ضرب دابة مربوطة في طريق ضيق فرفسته فمات ضمنه صاحبها ذكره ابن عقيل، وظاهره لو كانت واسعة لا ضمان (٥) وله قتل هر بأكل لحم ونحوه.
(فصل) وإن مال حائطه قبل وقوعه إلى ملك غيره وكان بحيث لا يمكن نقضه فلا ضمان عليه (٦) فإن أمكنه نفضه فلم ينقضه ولم يطالب بذلك لم يضمن (٧) وإن
طولب بنقضه فلم يفعل فقد توقف أحمد عن الجواب فيها، وقال أصحابنا يضمن (٨) ولو انفلتت الدابة ممن هي بيده وأفسدت فلا
(١) (ولا في الآخرة) وقاله أبو المعالى الصغير ويقتضى أنه وفاق.
(٢) (نصًّا) لأن المظالم لو انتقلت لما استقر لمظلوم حق في الآخرة.
(٣) (ضمن ما تلف بها) هذا المذهب، وسواء أذن فيها الإمام أو لا، وقال أصحاب الشافعي: إن حفرها بإذن الإِمام لم يضمن. وفي الأحكام السلطانية: له التصرف في فنائه بما شاء من حفر وغيره إذا لم يضر.
(٤) (أو أوقفها فيه) في إحدى الروايتين وهو مذهب الشافعي، لأن الانتفاع بالطريق مشروط بالسلامة، والثانية لا يضمن لأنه غير متعد بوقوفها في الطريق الواسع.
(٥) (لا ضمان) لعدم حاجته إلى ضربها فهو الجاني على نفسه.
(٦) (فلا ضمان عليه) لأنه لم يتعد ببنائه ولا فرط في ترك نقضه لعجزه عنه.
(٧) (لم يضمن) في المنصوص عن أحمد، والظاهر عن الشافعي، ونحوه قول الحسن والنخعي والثوري وأصحاب الرأى، لأنه بناء في ملكه، والميل حادث بغير فعله، وفيه وجه عليه الضمان.
(٨) (يضمن) وهو مذهب مالك، وعن أحمد رواية، ونحوه قال الحسن والنخعي، وقال أبو حنيفة استحسانًا والقياس عنده عدم الضمان.