وهو تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف الواقف (٢) ويخره في رقبته يصرف ريعه إلى جهة بر تقربًا إلى الله تعالى (٣) ممن يصح
تصرفه (٤) وهو مسنون (٥) ولو جعل سفل
(١)(الوقف) وهو مما اختص به المسلمون، قال الشافعي: لم يحبس أهل الجاهلية، وإنما حبس أهل الإسلام، والأصل فيه ما روى ابن عمر قال:"أصاب عمر أرضًا بخيبر، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها فقال: يا رسول الله إني أصبت مالًا بخيبر لم أصب قط مالًا أنفس عندي منه، فما تأمرنى فيه؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، فتصدق بها عمر في الفقراء وذوي القربى والرقاب وفى سبيل الله وابن السبيل والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقًا غير متمول فيه" متفق عليه.
(٢)(بقطع تصرف الواقف) أي إمساك المال عن أسباب التملكات بقطع تصرف مالكه.
(٣)(تقربًا إلى الله تعالى) بأن ينوي به القربة فيترتب عليه الثواب، فإن الإنسان قد يقف على غيره توددًا أو على أولاده خشية بيع عقاره بعد موته وإتلاف ثمنه أو تكون عليه ديون فيخاف أن يحجر عليه فيباع في دينه أو رياء ونحوه فهو وقف لازم لا ثواب فيه لأنه لم يبتغ به وجه الله تعالى، وربما كان بعضه محرمًا.
(٤)(ممن يصح تصرفه) القول بصحة الوقف قول عامة أهل العلم من السلف ومن بعدهم. ولم يره شريح وقال لا حبس عن فرائض الله، قال أحمد: هذا مذهب أهل الكوفة.
(٥)(وهو مسنون) لقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} ولفعله عليه الصلاة والسلام وفعل أصحابه، وقال جابر: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذا مقدرة إلا وقف.