للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصر من جميع شعره وقد حل (١) ولا يسن تأخير التحلل (٢) فإن ترك التقصير أو الحلق فعليه دم، فإن وطئ قبله فعليه دم وعمرته صحيحة (٣) وإن كان معه هدى أدخل الحج على العمرة، وليس له أن يتحلل ولا يحلق حتى يحج ويحل منهما يوم النحر (٤) وإن كان معتمرًا غير متمتع فإنه يحل ولو كان معه هدى في أشهر الحج (٥) وغيرها، وإن كان حاجًا بقى على إحرامه حتى

يتحلل يوم النحر.

باب صفة الحج والعمرة (٦)

(١) (وقد حل) فيستبيح جميع محظورات الإحرام، والأفضل هنا التقصير ليتوفر الحلق للحج.

(٢) (تأخير التحلل) لحديث ابن عمر قال "تمتع الناس مع رسول الله بالعمرة إلى الحج، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة قال: من كان معه هدي فإنه لا يحل من شئ حرم منه حتى يقضى حجه، ومن لم يكن معه هدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل" متفق عليه.

(٣) (وعمرته صحيحة) وبهذا قال مالك وأصحاب الرأي، وحكى عن أصحاب الشافعى أن عمرته تفسد لأنه وطئ قبل حله من عمرته، ولنا ما روى عن ابن عباس أنه سئل عن امرأة معتمرة وقع عليها زوجها قبل أن تقصر قال: من ترك من مناسكه شيئًا أو نسيه فليهرق دمًا. قيل إنها موسرة. قال فلتنحر ناقة، ولأن التقصير ليس بركن فلا يفسد النسك بالوطء كالرمي بالحج.

(٤) (يوم النحر) لحديث، حفصة "قالت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت؟ قال: لبدت رأسى وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر" متفق عليه.

(٥) (في أشهر الحج) لم يقصد الحج من عامه أو في غيرها ولو قصده في عامه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بعض عمره في ذي القعدة وكان يحل منها.

(٦) (صفة الحج والعمرة) فنذكر من حديث جابر ما يناسب ذلك، قال "فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج، وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ثم مكث قليلًا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة، فسار رسول الله

- صلى الله عليه وسلم - ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له. فأتى بطن الوادي فخطب الناس" إلى أن قال "ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئًا ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه" واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص، وأردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة خلفه ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس السكينة السكينة، كلما أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلًا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئًا. ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان واحد وإقامة. ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه كبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًّا فدفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس، إلى أن قال "احتى أتى بطن وادى محسر فحرك قليلًا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصا الخذف رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثًا وستين بدنة بيده ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر وأشركه في هديه" ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها. ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر، فأتى بنى عبد المطلب، يسقون على زمزم فقال: انزعوا بنى عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم. فناوله دلوًا فشرب منه" رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>