جاز (١) وإن رضى واشترط اليسار أو لم يرض فبان معسرا فله الرجوع على المحيل، ولا تصلح الحوالة بالمسلم فيه ولا عليه (٢).
باب الصلح وحكم الجوار (٣)
والصلح التوفيق والسلم (٤) وهو معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين، وهو أنواع، ومن أنواعه الصلح في الأموال، وهو المراد هنا، ولا يقع في الغالب إلا عن انحطاط من رتبة إلى ما دونها على سبيل المداراة لبلوغ بعض الغرض، وهو من أكبر العقود فائدة، ولذلك حسن فيه الكذب، ويكون بين المسلمين وأهل الحرب، وبين أهل البغي وأهل العدل، وبين الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما أو خافت امرأة إعراض زوجها عنها وبين متخاصمين في غير مال، والصلح بين متخاصمين في الأموال قسمان: أحدهما: صلح على الإِقرار، ولا يصح الصلح ممن لا يملك التبرع وولي يتيم وناظر وقف ونحوهم إلا في حال الإِنكار ليعدم البينة، ويصح عما افى عى على موليه وبه بينة، فإن لم يكن به بينة لم يصح، وإن صالح عن الحق بأكثر منه من جنسه - مثل أن يصالح عن دية الخطأ أو عن قيمة متلف بأكثر من جنسها - لم يصح (٥) وإن صالحه بعوض قيمته أكثر منها صح فيهما، ويصح عن المثلى بأكثر من قيمته، وإن كان بمنفعة كسكنى دار
(١)(جاز) ذلك لأن ذلك يجوز في القرض فهنا أولى، لكن إن جرى على العوضين ربا النسيئة كما لو كان الدين المحال به من الموزونات بعوض فيه موزونًا من غير جنسه، أو كان مكيلًا فعوضه عنه مكيلًا من غير جنسه اشترط فيه التقابض بمجلس التعويض.
(٢)(ولا عليه) لأنها لا تصح إلا فيما يجوز أخذ العوض عنه، ولا يجوز ذلك في السلم لقوله عليه الصلاة والسلام "من أسلف في شئ فلا يصرفه إلى غيره".
(٣)(الجوار) وأصله الملازمة، لأن الجار يلزم جاره في السكنى.
(٤)(والسلم) بفتح السين كسرها أي قطع المنازعة، وهو جائز بالإِجماع، لقوله تعالى، وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما".
(٥)(لم يصح) الصلح، لأن الدية والقيمة تثبت في الذمة مقدرة فلم يجز أن يصالح منها بأكثر منها من جنسها إذ الزائد لا مقابل له فيكون حرامًا لأنه من أكل المال بالباطل.