والإِيداع توكيل في حفظه تبرعًا، والاستيداع توكل في حفظه كذلك بغير تصرف، وقبولها مستحب لمن يعلم من نفسه الأمانة (١)، وهي أمانة لا ضمان عليه فيها (٢). وإن تلفت من بين ماله لم يضمن في أصح الروايتين (٣) ولو لم يتلف من ماله شيء. وإن شرط عليه ضمانها أو قال أنا ضامن لها لم يضمن، فإن أذن المالك في التصرف وفعل صارت عارية مضمونة، وهي عقد جائز من الطرفين، ومن حصل بيده أمانة بغير
رضا صاحبها كاللقطة. ومن أطارت الريح إلى داره ثوبًا وجب المبادرة إلى الرد مع العلم بصاوبها والتمكن منه، وله إعلامه ذكره جمع (٤)، وإن قال: لا تخرجها ولو خفت عليها فأخرجها عند الخوف أو تركها لم يضمن (٥) ووديع البهيمة إن تعذر عليه صاحبها أو وكيله رفع أمرها إلى الحاكم
(١)(الأمانة) لأن فيه قضاء حاجة أخيه المؤمن ومعاونته.
(٢)(لا ضمان عليه فيها) لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "من أودع وديعة فلا ضمان عليه" رواه ابن ماجة.
(٣)(في أصح الروايتين) والثانية إن ذهبت من بين ماله ضمنها، لما روي عن عمر أنه ضمن أنس بن مالك وديعة ذهبت من بين ماله، والأول أصح لأن الله سماها أمانة، والضمان ينافيها وقال عليه الصلاة والسلام "ليس على المودع غير المغل ضمان" رواه الدارقطني بإسناد ضعيف.
(٤)(ذكره جمع) قال في الإِنصاف: وهو مراد غيرهم، لأن مؤنة الرد لا تجب، وإنما يجب التمكين من الأخذ.
(٥)(لم يضمن) هذا المذهب، فإن أخرجها في هذا الحال لغير خوف ضمن.