ولا يسقط حق المقتول في الآخرة بمجرد التوبة (١) فإن اقتص من القاتل أو عفا عنه فهل يطالبه في الآخرة؟ على وجهين (٢). وتجب دية المقتول في تركته. والعيان الذي يقتل بعينه ينبغي أن يلحق بالساحر الذي يقتل بسحره غالبًا (٣)
وإن أمسك إنسانًا لآخر ليقتله فقتله قتل القاتل وحبس الممسك حتى يموت في إحدى الروايتين (٤) والرواية الثانية يقتل أيضًا (٥) وإن شهد اثنان فأكثر على شخص يقتل عمدًا
(١)(التوبة) قال الشيخ: فعلى هذا يأخذ المقتول من حسنات القاتل بقدر مظلمته.
(٢)(على وجهين) أحدهما يطالبه، قال القاضي عياض وحديث صاحب النسمة وهو حديث صحيح مشهور فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "إنما تريد أن تبوء بإثمك وإثم صاحبك" وجاء في الحديث الآخر فهو كفارة له أي لحق الله قال في النهاية في باب النون مع السين بالكسر سير مضفور يجعل زمامًا للبعير وغيره قد ينسج عريضة يجعل على صدر البعير.
(٣)(غالبًا) قاله ابن نصر الله في حواشي الفروع فإذا كانت عينه يستطيع القتل بها ويفعله باختياره وجب به القصاص، وإن فعل ذلك بغير قصد الجناية فيتوجه أنه خطأ يجب فيه ما يجب في قتل الخطأ وكذا ما أتلفه بعينه يتوجه فيه القول بضمانه، قال ابن القيم في شرح منازل السائرين: إن كان ذلك بعير اختياره بل غلب على نفسه لم يقتص منه وعليه الدية، وإن عمد ذلك وقدر علي رده وعلم أنه يقتل ساغ للوالي أن يقتله بمثل ما قتل به فيعينه إن شاء كما عان هو المقتول، وأما قتله قصاصًا بالسيف فلا لأنه غير مماثل للجانية، والعين نظر باستحسان مشوب بحسد من حيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر، قال بعضهم وإنما يحصل ذلك من سم يصل من عين العائن في الهواء إلى بدن المعيون.
(٤)(في إحدى الروايتين) هذا المذهب وبه قال عطاء وربيعة وروي ذلك عن علي لما روى الدارقطني عن ابن عمر "إذا أمسك الرجل وقتله آخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك "ومقتضى كلام المصنف أنه يطعم ويسقى" وفي المبدع يحبس عن الطعام والشراب حتى يموت.
(٥)(يقتل أيضًا) اختارها أبو محمد الجوزي وبه قال مالك، وقال سليمان بن موسى الإِجماع فينا أن يقتلا لأنه لو لم يمسكه ما قدر على قتله، وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وابن المنذر يعاقب ويأثم ولا يقتل فعلى المذهب لو قتل الولي الممسك فقال القاضي عليه القصاص، ومفهوم كلام المجد سقوط القصاص بشبهة الخلاف وتابعه الشارح.