أيام حرم إلا أن يغلى (١) فيحرم نص عليه، ولو طبخ قبل التحريم أي قبل أن يغلي وقبل أن تأتى عليه ثلاثة أيام بلياليهن (٢) حل إن ذهب ثلثاه نصًّا (٣)
وقال الموفق والشارح وغيرهما: الاعتبار في حله عدم الإِسكار (٤) سواء ذهب بطبخه ثلثاه أو أقل أو أكثر. والنبيذ مباح ما لم يغل أو تأت عليه ثلاثة أيام بلياليهن (٥) وهو ما يلقى فيه تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو به الماء وتذهب ملوحته. ويكره الخليطان (٦)
(١)(يغلى) كغليان القدر ويقذف بزبده فلا خلاف في تحريمه ولو لم يسكر لقوله عليه الصلاة والسلام "اشربوا العصير ثلاثًا ما لم يغل" ولأن علة التحريم الشدة الحادثة فيه وهي توجد بوجود الغليان.
(٢)(بلياليهن) وقال المصنف: يحتمل أن يكون ضربه بعد الثلاث إذا لم يغل مكروها غير محرم فإن أحمد لم يصرح بالتحريم، ولقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اشربوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكرًا" رواه أبو داود ووجه الأول ما روى أبو داود بإسناده عن ابن عباس أنه كان ينبذ للنبي - صلى الله عليه وسلم - الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يؤمر به فيسقى ذلك الخدم أو يهراق.
(٣)(نصًّا) ذكره أبو بكر إجماع المسلمين، لأن أبا موسى كان يشرب من الطلاء ما ذهب ثلثاه وبقى ثلثه رواه النسائي، وله مثله عن عمر وأبي الدراء لأنه إذا غلى على النار فذهب ثلثاه فقد ذهب أكثر رطوبته فلا يكاد يغلى وإذا لم يغل لم تحصل فيه شدة لأنه يصير كالرب، ولهذا قال أحمد لأبي داود: لو كان يسكر ما أحله عمر.
(٤)(عدم الإسكار) لما روى ابن عمر قال: قال رسول الله: - صلى الله عليه وسلم - "كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ومن مات وهو يشرب الخمر يدمنها ولم يتب لم يشربها في الآخرة" رواه مسلم وأبو داود عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما أسكر كثيره فقليله حرام رواه أبو داود.
(٥)(بلياليهن) لما تقدم عن ابن عباس، وقال أبو هريرة "علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء ثم أتيته به فإذا هو ينش فقال اضرب: بهذا الحائط فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر رواه أبو داود ينش أي يغلي.
(٦)(الخليطان) وهو أن ينتبذ شيئين كتمر وزبيب، ولا يكره الانتباذ بالدبا. والمزفت والمقير لقوله - صلى الله عليه وسلم - "كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظرف الأدم، فاثربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرًا.