لاسم منكور - تنبيهاً أنه لم يقصد به معين، نحو:" رأيتُ رجُلاً ما "، وقوله:" فَمَاَ فَوْقها "، قيل معناه: ما دونها، وإنما عنى ما فوقها في الصغر، ففسره بدون، فظن بعض أهل اللغة أن فوق يكون بمعنى " دون " فأخرجه في جملة ما صنف من الأضداد والحق: لفظ عام لصدق المقال وصواب الفعال، يقال: قول حق، كقولك صواب، وقيل: الحق هو الذي لا يزاحمه في ذاته ضد، ولهذا وصف الله تعالى به في قوله:{وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ} والإرادة منا تقتضي نزوع النفس إلى الشيء مع الحكم بأنه ينبغي أن يفعل وأن لا يفعل وإذا وصف الباري تعالى، فلا يصح أن يكون فيه النزاع، إذ هو منزه عن ذلك، والاختيار أخص من الإرادة، فإن فيه مع الإرادة دلالة من اللفظ على تفضيل أحد الشيئين على الآخر، والإيمان ههنا: الاعتقاد الصادر عن العلم وإن كان في التعارف يقتضي مع الاعتقاد قولاً وعملاً بحسب مقتضاه والكفر ههنا: الاعتقاد الكاذب عن تخمين، ومعنى الآية: أن الكفار لما سمعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد تلا عليهم قوله:{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا} وقوله {وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ} قالوا: لا يستحي ربك عن ذكر الذباب والعنكبوت؟ فأنزل الله تعالى ذلك - تنبيهاً - أن الاعتبار بالحكمة لا بصغر الجثة وكبرها،
إن قيل: من حق مطابقة قوله [تعالى]: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} أي يقول: (وأما الذين كفروا فلا يعلمون)؟ قيل: لما كان الإيمان صادراً عن العلم، والعلم يقتضي سكون النفس وطمأنينة القلب، وذلك لا يقتضي مراجعة ومساءلة ذكر مقتضاه ولما كان الكفر منبع الجهل التام وتمام الجهل والاعتراض على الحق على