للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإرادة، فكل إباء امتناع، وليس كل امتناع إباء، قال الله تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} وقيل: " أبيت اللعن "، وهي أبوأ، إذا تسلط عليها داء، فصار مانعاً لها من الشراب والتكبر: أن يرى الإنسان نفسه أكبر من غيره فضلاً، والاستكبار: طلب ذلك بالشبع والكبر، والتيه، والبغي، والزهو، والاستطالة، والخيلاء، والصلف تتقارب، وبينها فرق، فالتيه: التحير في معرفة قدر النفس، والبغي: طلب منزلة فوق ما يستحقه، والزهو: سرعة الحكم لنفسه بالفضل، من: " زهاه كذى " إذا استحقه، والاستطالة: إظهار طول، أي فضل على الغير.

والخيلاء: ظن بالنفس كاذب، من قولهم: خلت، والصلف: قلة التلفت إلى الغير من قولهم: صلف: إذا اشتكى صليفه، واعتباراً بهذا المعنى قال الشاعر:

إن الكريم من تلفت حوله ...

فإن اللئيم الطرف أقود

* واختلف في إبليس هل كان من الملائكة؟ فقال قوم: كان منهم، بدلالة استثنائه من الملائكة المأمورين للسجود لآدم، وقال قوم: لم يكن منهم اعتباراً بقوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ}، وروى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن الملائكةعلى ثلاثة أضرب على ما تقدم آنفاً، وضرب منهم يقال لهم الجن، ومنهم إبليس، ولهم توالد، ولهذا قال: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ}، وقيل: إن الجن كانوا مأمورين مع الملائكة بالسجود له، لكن لم يحتج إلى ذكرهم، فالسلطان إذا أمر أماثل رعيته بالخضوع لإنسان، فمعلوم أن أصاغرهم مأمورين بذلك، ألا ترى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>