مقتض لارتكابه، فصار النظر مبدأ للزنا، وعلى هذا قال:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}، و {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} وعلى هذا قال في الخمر: {فَاجْتَنِبُوهُ} وبهذا النظر قال عليه الصلاة والسلام: " الحلال بين، والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهة، وسأضرب مثلاً، إن لله حماً، وإن حمى الله محارمه، ومن رتع حول الحما أوشك أن يقع فيه ".
والشجرة: قيل: كانت الحنطة، وقيل: الكرم، وقيل: التين، وقوله:(فتكونا): الأظهر: أنه جواب النهي، وقد قيل: يصح أن يكون عطفاً، لأنك تقول:" لا تجب والدك فتعص ربك كما تقول: فتعصي ربك، والظلم في الحقيقة: الإخلال بما يقتضيه داعياً الله: " العقل والشرع " وهو الخروج عن الحظر ولهذا قيل: هو وضع الشيء في غير موضعه، وقد تقدم أن الظلم ضربان: ظلم النفس، وظلم الغير، وظلم الغير لا ينفك من ظلم النفس، وظلم النفس قد ينفك من ظلم الغير، ولأجل أن الظلم خروج عن الحق، وأن الحق يجري مجرى النقطة من الدائرة، ومجرى القرطاس من الهدف، صار من تعداه يصح أن يقال: " هو ظالم " وإن كان بين الظالم والظالم بون ولذلك قد يطلق " الظالم " على من ارتكب صغيرة وعلى من ارتكب كبيرة، إن قيل كيف جاز أن ينهي عن الشجرة ثم يتناولها وقد أنكرتم أن يرتكب الأنبياء الكبائر؟ قيل: قد أجيب عن ذلك بأن آدم [عليه السلام] أشير له إلى شجرة، فقيل له: " لا تقربا هذه الشجرة " وأريد به الجنس لا العين نحو ما روي أن النبي - عليه