السلام - خرج وفي إحدى يديه ذهب، وفي الأخرى حرير، فقال:" هذا حرام على ذكور أمتي حل لإناثها.
ولم يرد به العين، وإنما أراد به الجنس، فحمل آدم متأولاً الإشارة إلى العين دون الجنس، فوقع عليه السهو من هذا الوجه، وقيل: أنه حمل النهي على الندب دون الحتم، ونسي الوعيد المقرون به، ولذلك قال:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ} أي: " نسي الوعيد ".
واختلف في الجنة التي أسكنها آدم - عليه السلام - فقال بعض المتكلمين: كان بستاناً جعله الله تعالى له امتحاناً ولم يكن جنة المأوى فإن تلك لم تخلق بعد، إذ هي للخلود، وقد ثبت أن الله تعالى يفني الأشياء كلها حتى لا يبقى إلا وجهه ولو كانت مخلوقة الآن لم يصح أن يخص بهذه الصفة، وقال أكثر الناس: كانت جنة المأوى، وتسميتها بجنة الخلد اعتباراً بدوامها بعد أن يدخلها المثابون.
والشيء الواحد قد يسمى بأسماء كثيرة - اعتباراً بمعان متفاوته، ألا ترى إلى ما حكي عن الحسن أنه قال: " خلقنا للأبد، ولكنا ننقل من دار إلى دار " وذلك اعتباراً بحال الإعادة، ومن قال: لم تكن تلك جنة الخلد، لأنه لا تكليف في الجنة، وآدم [عليه السلام] كان مكلفاً، [فقد قيل في جوابه: إنما لا يكون دار التكليف في الآخرة، ولا يمتنع أن يكون في وقت دار تكليف، ولا يكون في وقت كذلك، كما أن الإنسان يكون] مكلفاً في وقت دون وقت، وقال بعض الناس: " إن الله تعالى لما خلق الإنسان لاستخلافه في أرضه واستعماره فيها كما قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}{وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ} وقال {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} وأراد أن يوصله بذلك إلى جنة المأوى وعلم بسابق علمه أنه لسوء تدبيره