للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دواب الأرض، أي استعان بقوى الإنسان، ونظر من أي جهة يمكنه أن يأتيه، فلم يجد قوة مستصلحة يستعين بها حتى أتى الحية، أي الشهوة، وكنى بالحية عنها، فإنها حية لا يبرا سليمها [يقال لمن لسعته الحية والعقرب سليم تفاؤلاً كما تقال المفازة لمحل الخطر والهلاك] وذاك أن الشيطان لا يأتي الإنسان إلا من قبل هواه، فجعلته بين نابيها كناية عن الأكل، إذ هو أعظم شهوة يتمكن الشيطان به من الإنسان، ولهذا قيل في الخبر:

(من حفظ بطنه فقد سد على الشيطان بابه ومن شبع ونام قسا قلبه وتمكن منه الشيطان) ويكون الهوى أعظم سلاح للشيطان، صار لا فرق بين قوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} وقوله {لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ} في أن المقصد واحد في كونهما نهياً عن ارتكاب الذنوب وقوله، فلذلك أمر الإنسان بقتلها، أي أمر أن يقهر الشهوة [ويذللها] حيثما تراءت له، وطالبته بما بنافي الإيمان، وهذا الذي ذكره هذا القائل وإن كان صحيحاً من حيث المعنى، ففي صرف الخبر إليه ترك للظاهر وفتح باب من التأويلات عظيم الضرر.

والله أعلم بحقائق ما يخبرنا به من الغيوب ..

وقوله: (اهبطوا): الهبوط ضد الصعود، وليس يراد به الانحدار عن رفعة مكانية

<<  <  ج: ص:  >  >>