اعتراض متضمن لتمرد، وتنبيه أنه تعالى لا يخفى عليه خافية، وأن كل من عمل خيراً أو شراً، فإن الله تعالى لا يظهره على بعض الوجوه، وعلى ذلك روى " ما عمل عبد حسنة في تسع آبيات إلا أظهره الله تعالى، لقوله:{وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} ونظم هذه الآيات مشكل، فقد كان في الظاهر يقتضي أن يكون قوله:{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} متقدماً على قوله: (! از قال موسى لقومه ... )، لأن أمر موسى- عليه السلام- بذبح البقرة بعد التدارؤ، وفي قتل النفس والظاهر أن ذبح البقرة قد كان من
قبل، وبيان ذلك أنه قد قيل قولان: أحدهما: أن موسي- عليه السلام- قد أمر بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة قبل الحادثة، فلذلك تعجبوا وقالوا: أتتخذنا هزواً، فلما ذبحوا البقرة اتفق حصول القتال، فقال موسى لا راجعوه: " اضربوه ببعضها "، وقيل: بل كان الأمر بذبح البقرة بعد وقوع التشاجر، وعلى هذا قوله:{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} ليس بمعطوف على قوله: (وإذ قال موسى لقومه)، بل هو في موضع الحال له، كأنه قيل:(واذكروا إذ قال موسى لقومه .. ) الآية ..
وذلك إذ قتلتم نفسا [فادارأتم فيها] أو إذ قتلتم نفسه كان ذلك، لكن اختصر، وفي قوله {اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا} اختصار، كأنه قيل " ليحى محي، وأنا بأي عضو ضرب، فقد قال مجاهد: بفخذها، وقال السدى: بمضغة من لحمها، وقال الفراء: بذنبها، وقال وهب: بأصغريها قلبها ولسانها، فظاهر الآية لا يقتضي تخصيص عضو، (من عضو) وقوله: {يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى}، قيل: هو حكاية عن قول موسى-[عليه السلام]- لقومه، وقيل: بل هو خطاب من الله تلالي لهذه الأمة تنبيهاً على الاعتبار بإحيائه الموتى، وقد استبعد بعض الناس ذلك وماحكاه الله منه، وأنكر حصول ذلك الفعل على الحقيقة، وقال ذلك ممتنع من فعل الطبيعة، [وأيضا فإن ذلك لا يعرف فيه حكمة الشهية فأما