استبعاده ذلك من حيث الطبيعة]، فإنما هو استبعاد للإحياء والنشور، ولذلك موضع لا يختص بالتفسير، ومن كان ذلك طريقته، فلا خوض معه في تفسير القرآن، وأما الحكمة فيه فظاهرة، إذ هو من المعجزات المحسوسات الباهرة للعقول، وتخصيص البقرة، فإن كثيرا من حكمة الله تعالى لا يمكن للبشر الوقوف عليه، ولو لم يكن في تخصيص بقرة على وصف مخصوص إلا توفر المأمور
بذلك على طلبها واستيجاب الثواب في بذل ثمنها وجلب نفع إلى صاحبها لكان في ذلك حكمة عظيمة، وفي الآية تنبيه على أن الجماعة التي حكمهم واحد، يجوز أن ينسب الفعل إليهم وإن كان واقعاً من بعضهم، ولا يكون ذلك كذباً، كما أن الجملة المركبة من شخص واحد يصح أن ينسب إليها ما وقع من عضو منها، وذكر بعض الصوفية أن الله تعالى قصد بما ذكره لبني إسرائيل وإشارة إلى معنى لطيف، فإن في الأمر بذبح البقرة أمرا بتذليل.
القوة الشهرية، ولما لم ينتبهوا لمراد هـ، قالوا أتتخذنا هزواً.
وبين قوله {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} أن حق الإنسان أن يتحرى في إماتة شهوته وقت ما يزول عنه شره صباه، فلا يكون كبكر، ولم يلحقه حسوا لكبر، فيكون كفارض، ثم نبه بما ذكره من اللون أنه لا يحب أن يمنع النفس من إماتة شهوته كونها رائقة المنظر، بل يجب أن يميتها أعجب ما تكون إليه، ثم نبه بقوله:{لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ} أن النفس التي تحمل على تذليلها في العبادة هي النفس التي لم تستعبدها الدنيا ولم تتأثر بدنسها، ولم تتوسم بمقابحها، وطاهر الآية لا يقتضي ذلك، لكن مثله إذا حكى، فتصحيحه مفوض إلى فكرة قارئه ومتأملة، والله أعلم ..