كلام القدماء، وكان عادتهم أن يرمزوا بكثير من العلوم قال: وهذا من رموزهم، وهو أنه كان عادتهم إذا أرادوا تبيين اختصاص كل نجم بفعل يختص به جعلوه بصورة متعاطي الفعل الخاص به ويقول: إنه فعل كذا وقال كذا، ولما كان من شأن الزهرة على ما يدعون حمل الإنسان على تعاطي الغزل واللهو واللعب والشرب كنوا عنه بذلك، وعلى ذلك قالوا: الأفعال الزهرية كناية عن الغزل واللعب، وعلى ذلك فعلوا في سائر النجوم حتى جعلوا لها صوراً مصورة في الكتب على هيأت المتعاطين الصناعات المختصة بطبعها والله أعلم بذلك، وقوله تعالى:{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} قيل: عني به الرجل وامرأته، وقيل: عني به الإنسان وقرناءه وأصدقاءه امرأة كانت أو غيرها، نحو قوله:{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ} إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ}، وقوله:{فَيَتَعَلَّمُونَ} معطوف على ضمن ما تقدم، كأنه قال: يعلمون فيتعلمون، وقوله:{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} الإذن قد يقال في الإعلام بالرخصة، وقد يقال للعلم، ومنه أذنته بكذا، ويقال في الأمر الجسيم، وينبغي أن يعلم أن الإذن في الشيء من الله تعالى ضربان، أحدهما: الإذن لقاصد الفعل في مباشرته نحو قولك: أذن الله لك أن تصل الرحم، والثاني: الإذن في تسخير الشيء على وجه تسخير السم في قتله من يتناوله والترياق في تخليصه من أذيته، فإذن الله تعالى في وقوع التسخير وتأثيره من القبيل الثاني، وذلك هو المشار إليه بالقضاء، وعلى هذا يقال: الأشياء كلها بإذن الله وقضائه، ولا يقال: الأشياء كلها بأمره ورضاه، والضر ما يعوق الإنسان عن فعل الخير سواء كان ذلك مما يعرض في بدنه، أو كان شيئا خارجاً منه، والنفع ما يسهل سبيل الإنسان إلى الخير، ومن قال: النفع هو اللذة، فإنما اللذة بعض النفع، فقد يكون الشر نافعة، ولا يكون لذيذاً،
إن قيل: كيف قال: {مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} وما يضر يعلم أنه لا
ينفع؟ قيل: إن ذلك من وجه ووجه، فقد يكون الشيء نافعة من وجه وضاراً من وجه، وتعلم السحر كان