عدالة بين الإنسان ونفسه، وعدالة بينه وبين الناس، وعدالة بينه وبين الله- عز وجل-، فمن رعى
ذلك فقد صار عدلاً شاهداً لله- عز وجل-.
إن قيل: فهل هم شهود على بعض الأمم أم على الناس كافة؟ قيل بل كل شاهد على نفسه وعلى أمته وعلى الناس كافة فإن من عرف حكمة الله تعالي وجوده وعدله ورأفته، علم أن لم يغفل تعالى عنه ولا عن أحد من الناس، ولا يبخل عليهم ولا يظلمهم، ومن علم ذلك فهو شاهد لله على أن من زمانه وعلى من قبله ومن بعده، وعلى هذا الوجه ما روي في الخبر " أن هذه الأمة تشهد للأنبياء على الأمم "،
إن قيل: ما المشبهْ وما المشبه به في قوله كذلك قيل: ولما قال: {وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} بين أن نعمته بهذا التشريف كنعمته بالهداية إلى صراط مستقيم.
يعني ما أمرناك بالتوجه إلى بيت المقدس إلا لنعلم، أي لنعلم الآن من يتبع الرسول ممن لا يتبعه، وقيل معناه: إلا لنعلم حينئذ من ينقاد لك من العرب في اتباعك إلى الصلاة إلى بيت المقدس، وقيل معناه: ما غيرنا حكم القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم، والقبلة على هذا كله بيت القدس، وقيل معناه: ما جعلنا هذه القبلة التي أنت عليها أي أمرناك بها يعني الكعبة، وإنما استعمل فيه " كان " إشارة إلى أن حكم الله تعالى بدلك قد تقدم في سابق علمه، وقيل: عنى الكعبة حتى توجه إليها قبل