للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذلك نظر من المفسر إلى مقتضى الخوف، فقد يكون الخوف عن أمارة ضعيفة تقتضي الظن، وعن أمارة قوية تقتضي اليقين، فقوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} ليس ذلك للجنس متناولاً لكل طلاق، بل هو إشارة إلى الطلاق المتقدم ذكره الذي قال فيه:

{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}، فبين أن ذلك الطلاق الذي فيه المراجعة مرتان، وأصله الطلاق مرتين، نحو الخروج مرتين، ثم رفع كقوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}، وبقول: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} منهم من حمله على الطلقة الثالثة، وروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن بعضهم سمع الآية، فقال: فأين الثالثة؟ فقال- عليه السلام: " التسريح بإحسان.

ومنهم من حمل ذلك على ترك الرجعة " والصحيح أنه محمول عليها، لأنه يكون بالرجعة ممسكاً لها، ويتركها حتى تنقضي عدتها، أو بتطليقها الطلقة الثالثة يكون سرحاً لها، لكن لما كان اللفظ متردداً بين الأمرين بين من بعد حكمها إذا طلقها ثالثة بقوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}.

إن قيل: كيف جعل الإمساك هاهنا الرجعة؟ قيل: لأنه ضد الطلاق، وقد كان الطلاق موجباً للفرقة بعد مضي ثلاث حيض، فسمي الرجعة إمساكاً لبقاء النكاح به.

إن قيل: كيف علق التسريح بالإحسان؟ وهل بينه وبين المعروف فرق؟

قيل: الإحسان أعم معنى من المعروف، لأن الشيء قد يكون معروفاً، أي غير منكر، ولا يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>