للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مستحسنا، فكل إحسان معروف، وليس كل معروف إحسانا، فبين أن من حق المسرح أن يبذل ما يزيد على الإنصاف تنزهاً، وذلك على حسب ما كانوا يراعون في بذل مصارف المعروف لمن يرتحل عنهم، وكما بين أن له الرجعة في تطليقتين، بين بقوله: (فإن طلقها) أن لا رجعة بعد الثالثة، فإن ما زاد علي الثالثة من الطلاق لا حكم له بوجه، فقد كانت العرب تطلق مرة بعد أخرى ما شاءت، وتراجع قبل انقضاء العدة، فأبطل تعالى ذلك، وفي الآية دلالة أن له أن يطلق مرتين في طهر واحد من حيث أنه لم يفصل، ودلالة أن الطلاق في الحيض يقع، وذلك قال عليه السلام- لأبن عمر لما قال: أرأيت لو طلقها ثلاثاً؟ قال: " أذن بانت منك امرأتك، عصيت ربك "، وأجمع فقهاء الأمصار أن قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} إذا لم يكن الزوجان مملوكين، واتفقوا أن الرق يوجب نقصان الطلاق، لكن اعتبر أبو حنيفة الطلاق بالنساء، وهو قول علي والشافعي، واعتبر بالرجال، وهو قول عثمان وزيد، وإليه ذهب مالك، وقوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} فلا خلاف أنها إذا سمحت بشيء من مهرها للزوج فسائغ، لقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ}، فأما إذا كان على وجه الخلع، فلا يجوز إلا على وجه دون وجه، واختلفوا متى يجوز مخالعتها؟ وكم قدر المال الذي به يجوز؟، وعند من يجوز؟

فذهب بعضهم إلى أنه يكره الخلع مع سلامة الحال، لأن الطلاق مكروه إذا توفرت المرأة على ما يلزم من حكم الزوجية لقوله- عليه السلام: " أبغض الحلال إلي الله الطلاق " هذا مع إمكان المراجعة والخلع الذي ترتفع المراجعة معه أولى بأن يكره، وإن خافا ألاً يقيما حدود الله جاز بلا خلاف لظاهر الآية، وإن خافت ولم يخف الزوج، فيجوز إلاً عند أهل الظاهر، وعلى ذلك دل شأن امرأة

<<  <  ج: ص:  >  >>