بين غذائي الصبي، وتعورف الفصل في السقب والتشاور لاستخراج الرأي من الغير، من شرت العسل، (وشورت الفرس) استخرجت جربه وأشرت إليه بكذا، أي أخرجته بالإيماء من بين ما يشاكله، وسمي الإصبع مشيرة، لكونها ذات إشارة كما سميت مسبحة وسبابه، وسميت السنة حولأ، لانقلابها في فصولها وشهورها، ودوران الشمس في مطالعها ومغاديها، وذكر جماعة من الفقهاء أن قوله:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} أمر وإن كان لفظه خبراً، لأنه لو كان خبراً لم يقع مخبره بخلافه، وهذه قضية إنما تصح في كل خبر لفظه لا يحتمل التخصيص، فأما إذا كان عاما يمكن أن يخصص على وجه يخرج من كونه كذباً، فادعاء ذلك فيه ليس بواجب، وهذه الآية مما يمكن ذلك فيه، ثم ذلك لو كان أمرا لكان أمراً للوالدات، وقد علم أن الأم وإن لم تكن مكلفة فهي أحق برضاعها،
فإن قيل: فإذا لم يكن أمرا فما وجهه؟
قيل أخبر الله تعالى أن حكم الله في ذلك أن الوالدات أحق بإرضاع أولادهن سواء كانت في حبالة الزوج أو لم تكن، فإن الإرضاع من خصائص الولادة، لا من خصائص الزوجية، ولهذا قال عليه السلام: في الأمر إنها أحق بالولد ما لم تتزوج، وإنما ذكر (كاملين) لأنه قد يقال: " فلان فعل كذا سنتين " وإن كان ذلك في سنة وبعض الأخرى، وكذا يقال: شهرين ويومين، فأريد إزالة هذه الشبهة، وقال الفقهاء: لما جعل الرضاع حولين وقال في موضع: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}، نبه على أن الولد قد يولد لستة أشهر، وفيه تنبيه على لطيفة، وهو أن الولد متى كان زمان حمله وفاصله أقل ثلاثين شهرا أضر ذلك به، فإذا ولد لسبعة أشهر لم يضره أن ينقص رضاعه عن الحولين، وجعل ابن عباس ذلك حكما شرعياً، وقال: يجب أن يكون الحمل والرضاع هذا القدر، وقوله تعالى:{لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} أي هذا التوقيت ليس بفرض، لكن لمن أراد إتمام الرضاعة، وفيه تنبيه أنه لا
يجوز تجاوز ذلك وأن لا حكم للرضاع بعد الحولين ويقويه ما روي جابر أنه قال عليه السلام: