" لا رضاع بعد المولين " وعلى هذا يحمل قوله: " الرضاعة من المجاعة " ويؤكده أن كل حكم في الشرع علق بعدد مخصوص يجوز الإخلال به في أحد الطرفين لم يجز الإخلال به في الطرف الآخر، كخيار الثلث وعدد حجارة الاستنجاء، والمسح على الخفين يوماً وليلة أو ثلاثة أيام، فلما كان الرضاع يجوز الإخلال به في أحد الطرفين، وهو النقصان لم تجز مجاوزته، وقوله:(وعلى المولود له .. )، أي الأب، وفائدة تخصيصه بهذا الوصف دون لفظ الأب تنبيه أن الابن في الحكم للأب، وأن حظ الأم فيه يقل وعلى ذلك دل الشاعر:
وإنما أمهات الناس أوعية ...
مستودعات وللأحساب أباء
وبين تعالى أن رزق المرأة المرضعة، أي طعامها وكسوتها على الأب إذا أرضعته زوجة كانت أو مطلقة، وفيه تنبيه أن سائر نفقة الولد، على الأب لكن أجمعو أن الولد إذا كان له كفاية، فللأب أن لا ينفق عليه، وقوله: بالمعروف تنبيه، على أن النفقة بقدر اليسار والإعسار، وجعل ذلك مؤولا إليهم وإلى الحكام، ولم نجد فيه حدا لاختلاف الناس بقدر الأزمنة والأمكنة والسن وأكد ذلك بقوله:{لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} فلم يسم الفاعل، وقال في أخرى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} قيل: هذا التكليف فيه مدخل للحكام، ولغيرهم فجعل لفظه منهما في موضع، ومعناه لا يجوز تكليفه إلا وسعه، وقوله:{لَا تُضَارَّ} حمل على الجبر، وعلى الأمر، فأما إذا حمل على الجبر فهو تنبيه على ما بني