ملكها إلا أربعة مؤمنان: وهما سليمان، وذو القرنين، وكافران: نمرود وشداد ..
إن قيل: ما الذي ادعى هذا الكافر؟
ادعى نفي الخالق؟ أم ادعى لنفسه الربوبية؟ أم الأمرين؟ فإن ادعى الربوبية، فعلى أي وجه ادعى، فبعيد أن يزعم من وجد بعد أن لم يكن أنه موجد الخلائق ...
قيل: قد ذكر المخلصون في ذلك وجهين، أحدهما: أن هذا الكافر نمرود، وكان الناس حينئذ يعظمون ملكهم حتى كانوا يسمونه الرب والإله، ولهذا قيل:(الله رب الأرباب وإله الآلهة)، وكانوا يدعون له أفعالاً ألاهية تقصر قدر البشر عنها، وقد حكى الفرس عن ملوكهم شيئاً كبيراً من ذلك كما ادعوا لكن خسرو أنه ألجأة عدو له إلى سفح جبل، فحملته الملائكة، وأن شابور لما حارب التنين، فأظلم عليه الدنيا، أنزل عليه نارا، فصارت على عرف فرسه، فاستضاء بها حتى قتل التقين، وكان نمرود لما طغى سام الناس أن يعبدوه عبادتهم لله، إذ هو بزعمهم سايسهم، وملكهم، وربهم، وإلأههم، فهذاك أحد الوجهين، والثاني: أنه كان يذهب مذهب من يقول بالحلول، أن الباري- تعالي عن ذلك- يحل في أشخاص الأئمة حسب ما ادعى بعض المتنصرة وبعض المتشيعه الملحدة، وكان نمرو يدعي الربوبية على أحد هذين الوجهين، لا أنه ينكر رب العزة ...