لقناعة دون القنية، فهو الغني بالمجاز فقير بالحقيقة،
ولهذا قال: قد يكثر المال والإنسان مفتقر،
وقيل لبعضهم: أفلان غني؟ فقال: لا أدري غناه، ولكنه كثير المال، ومن فقد القنية دون القناعة، إنه يقال له فقير وغني، وكلاهما يقالان على طريق المدح، فقد قيل: ليس الغني بكثرة العرض وإنما الغني غني القلب "، والمشهور من الفقر عند العامة الحاجة وأصله كثير الفقار ومن قولهم: فقرته نحو كبدته، وبطنته، وبهذا النظر سمى الحاجة والداهية فاقرة، نحو:{تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ}، الفحش والفحشاء كل منكر من المقال والفعال وإن كان قد خصها بعضهم هاهنا بالبخل، كقول شاعر:
فقوله:{الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}، قيل: عنى فقر الآخرة وهو أن يخيل إليه أن لا جزاء ولا شُكوراً وقيل هو بأن يخوفه، الفقر في آخر عمره.
إن قيل: على أي وجه يتصور وعد الشيطان؟
قيل: إن ذلك تسليط النفس ووساوسه ولهذا قال هاهنا في الشيطان: {وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} قال في غيرها: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} لما جريا مجرى واحدا،