للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: {أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ}، وقال في أخرى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} الآية.

إن قيل:

من حق مقابلة اللفظ في قوله {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} أن يقول (والله يعدكم الغنى)، ويأمركم بالمعروف أو بالبر فليست المغفرة مقابلة للفقر ولا الفضل للفحشاء وإن كان مقابلاً به، فلم لم يذكر في: (الله يأمركم)، والله يأمركم والله في الحقيقة يأمر فأما الشيطان فهو المسؤول الموسوس؟

قيل: قابل الفقر بالمغفرة والفضل، والفضل أعم من الغنى، لأنه يتناوله وغيره، فبين أنه يعد بالغنى وزيادات فضل فأتى في مقابلة وعد الشيطان بالمغفرة، أنه يغفر مع ذلك انقيادكم للشيطان، وسائر الذنوب ولما كان أمر الشيطان بالفحشاء إنما هو لأجل وعده بالفقر لأن من خاف بخل بماله، والبخل سبب ارتكاب سائر الفواحش ولهذا قال - عليه الصلاة والسلام: " وأي داء أدوى من البخل؟ "، صار مستغنى أن يذكر في مقابله: {وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} بما ذكر من قوله: {مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} لأن أمر الله تعالى بالخيرات والحسنات معلوم وإنما المجهول أمر الشيطان، إذ كان أمره يخفى على الجهال وإنما يعرفه أولوا الألباب ..

<<  <  ج: ص:  >  >>