ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه سفيان:
" أريع من جاوزهن، ففيه الحساب: ما سد الجوعة، وكف العطشة، وستر العورة "، أكن البدن " ...
ويدخل في العفة الجود، لأنه قد قيل: الجود ضربان: أن يكون بما في يدك متبرعاً، وأن يكون عما في يد غيرك متورعاً، والزهد يقاربه إلا الزهد، يقال اعتبارا بترك عرض الدنيا، والعفة تقال اعتباراً بحبس النفس عن الشهوات، وتتلازمان، والعفافة بقية ما في الضرع كأنه قدر يمكن التعفف به، والإلحاف استشعار المسألة والاستقصاء فيها وتذرعها، يقال: لحفته: أي ألبسته إلحافا ككسوته، أي ألبسته كساءً، والوسم والسيما تتقاربان لكن الوسم علامة محسوسة كسمة البعير، والسيما علامة متفرسة، وأصلها من السوم أي طلب الكلا، وطلب المبيع، وسوم الماشية أن تطلب لها المرعى وإن كان قل يستعمل في إرسالها.
إن قيل: بم يتعلق قوله: {لِلْفُقَرَاءِ}؟
قيل: هو على ما ذكر سنين بدل من قوله: {لِأَنْفُسِكُمْ}، فقد ذكر أنه يعني بأنفسكم أهل دينكم، فصار الفقراء بعضهم، فصح أن يبدل منه بدل البعض من الكل، وقيل: يتعلق بقوله: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ}، أي ما تنفقون لهم إلا تقرباً إلي الله عز وجل-، فمعلوم أن من خص بنفقته هؤلاء، فإنه لم يقصد إلا وجه الله، وقيل: ذلك يتعلق بفعل مضمر يدل علي: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ}، أو بقوله:{يُوَفَّ إِلَيْكُمْ}، أي يوف إليكم، ويوسع لأجل الفقراء إشارة إلى ما قال - عليه الصلاة والسلام: " إنما تنصرون بضعفائكم وتمطرون وترزقون ".