للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تنكروا حزني عليه فإنني ... تقشع عني وابل كنت آمله

ولما لا نبكيه ونندب فقده ... وأولادنا أيتامه وأرامله

فيما ليت شعري بعد حسن فعاله ... وقد غاب عنا ما بنا الله فاعله

أيكرم مثوى ضيفكم وغريبكم ... فيمكث أم تطوى ببين مراحله وهي طويلة؛ وكان قد دفن بالقاهرة، ثم نقله ولده العادل من دار الوزارة التي دفن بها، وهي المعروفة بانشاء الأفضل شاهان شاه - المقدم ذكره -؛ وكان نقله في تاسع عشر صفر سنة سبع وخمسين في تابوت وركب خلفه العاضد إلى تربته التي بالقرافة الكبرى، فعمل في ذلك الفقيه عمارة أيضاً قصيدة طويلة أجاد فيها، ومن جملتها في صفة التابوت:

وكأنه تابوت موسى أودعت ... في جانبيه سكينة ووقار وله فيه مرات كثيرة.

وهذا الصالح هو الذي بنى الجامع الذي على باب زويلة بظاهر القاهرة.

(٧٢) وأما ولده العادل رزيك (١) فقد ذكرت في ترجمة شاور تاريخ هربه من القاهرة، وكان قد حمل معه من الذخائر ما لا يحصى، ومعه أهله وحاشيته، واستجار بسليمان، وقيل بيعقوب بن النيص (٢) اللخمي، وكان من خواص أصحابهم، وحصل من جهتهم نعمة وافرة، فأنزلهم عنده وهو بإطفيح، وسار من ساعته إلى شاور وأعلمه بهم، فندب معه جماعة ومضوا إلى العادل وأخذوه أسراً وأحضروه إلى باب شاور، فوقف زماناً طويلاً ثم حبسه.

ثم قال شاور لابن النيص: لقد خبأك الصالح ذخيرة صالحة لولده وأنا أخبؤك أيضاً لولدي، ثم شنقه، وبقي العادل في الاعتقال مدة مديدة، ثم قتله


(١) يلقب بالملك الناصر، قال عمارة (النكت: ٥٣) " إن الله لم يمهله إلا مديدة يسيرة، وكانت أفعال الخير فيها كثيرة وذلك أنه سامح الناس بالبواقي والحسابات القديمة وأسقط من رسوم الظلم مبالغ عظيمة ... الخ ".
(٢) ص: الفيض، وأثبتنا ما في ر والمسودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>