للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قيل أنه أنشد الرشيد يوماً قوله (١) :

طاف الهوى في عباد الله كلهم ... حتى إذا مر بي من بينهم وقفا قال له الرشيد: ما الذي رأى فيك حتى وقف عليك قال: سألني عن وجود أمير المؤمنين فأخبرته، فاستحسن الرشيد جوابه ووصله.

قيل إن الرشيد (٢) عمل في الليل بيتاً ورام أن يشفعه بآخر فامتنع القول عليه، فقال: علي بالعباس، فلما طرق عليه ذعر وفزع أهله، فلما وقف بين يدي الرشيد قال له: وجهت إليك بسبب بيت قلته ورمت أن أشفعه بمثله فامتنع القول علي، فقال: يا أمير المؤمنين، دعني حتى ترجع إلي نفسي فإني تركت عيالي على حال من القلق عظيمة، ونالني من الخوف ما يتجاوز الحد والوصف؛ فانتظر هنيهة ثم أنشده:

جنانٌ قد رأيناها ... شطر ثانيولم نر مثلها بشرا فقال العباس بن الأحنف:

يزيدك وجهها حسناً ... إذا ما زدته نظرا فقال: زدني، فقال:

إذا ما الليل سال علي ... ك بالإظلام واعتكرا

ودج فلم تر قمراً ... فأبرزها تر قمرا فقال له الرشيد: قد ذعرناك وأفزعنا عيالك وأقل الواجب أن نعطيك ديتك، وأمر له بعشرة آلاف درهم.

وله - أعني الرشيد -:

إن تشق عيني بها فقد سعدت ... عينا رسولي وفزت بالخبر


(١) ديوانه: ١٨٢.
(٢) متابع لما في تاريخ بغداد: ١٣١، وانظر الديوان: ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>