للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المساجد، ثم رجع إلى حلب، وأقام بها وصنف كتباً كثيرة في المذهب، منها صفوة المذهب من نهاية المطلب في سبع مجلدات، وكتاب الانتصار في أربع مجلدات، وكتاب المرشد في مجلدين، وكتاب الذريعة في معرفة الشريعة وصنف التيسير في الخلاف أربعة أجزاء، وكتاباً سماه " ما أخذ (١) النظر " و " مختصراً في الفرائض "، وكتاباً سماه " الإرشاد المغرب في نصرة المذهب " ولم يكمله، وذهب فيما نهب (٢) له بحلب. واشتغل عليه خلق كثير وانتفعوا به، وتعين بالشام وتقدم عند نور الدين صاحب الشام وبنى له المدارس بحلب وحماة وحمص وبعلبك وغيرها، وتولى القضاء بسنجار ونصيبين وحران وغيرها من ديار بكر، ثم عاد إلى دمشق في سنة سبعين وخمسمائة، وتولى القضاء بها في سنة ثلاث وسبعين عقيب انفصال القاضي ضياء الدين أبي الفضائل القاسم بن تاج الدين يحيى بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري - حسبما شرحته في ترجمة القاضي كمال الدين أبي الفضل محمد الشهرزوري.

ثم عمي في آخر عمره قبل موته في عشر سنين، وابنه محيي الدين محمد ينوب عنه وهو باق على القضاء، وصنف جزءاً لطيفاً في جواز قضاء الأعمى، وهو على خلاف مذهب الشافعي. ورأيت في كتاب الزوائد تأليف أبي الحسين العمراني صاحب كتاب البيان وجهاً أنه يجوز، وهو غريب لم أره في غير هذا الكتاب. ووقع لي كتاب جميعه بخط السلطان صلاح الدين، رحمه الله تعالى، قد كتبه من دمشق إلى القاضي الفاضل وهو بمصر وفيه فصول من جملتها حديث الشيخ شرف الدين المذكور، وما حصل له من العمى، وأنه يقول: إن قضاء الأعمى جائز، وإن الفقهاء قالوا: إنه غير جائز، فتجتمع بالشيخ أبي الطاهر بن عوف الاسكندراني وتسأله عما ورد من الأحاديث في قضاء الأعمى: هل يجوز أم لا

وبالجملة فلا شك في فضله. وقد ذكره الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في تاريخ دمشق، وذكره العماد الكاتب في كتاب الخريدة وأثنى عليه،


(١) كذا في المسودة؛ س ص: مآخذ.
(٢) ص: ذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>