كان طويلاً آدم خفيف العارضين يخضب بالحنّاء والكتم. بويع له يوم الاثنين الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي بالسل ليلة الثلاثاء، وقيل يوم الجمعة، لتسع ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، وسنه ثلاث وستون سنة، وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وتسعة أيام، وغسلته زوجته أسماء ابنة عميس، وصلى عليه عمر رضي الله عنهما، وحمل على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سرير عائشة رضي الله عنها، وكان من خشبتي ساجٍ منسوج بالليف، وبيع في ميراث عائشة، رضي الله عنها، بأربعة آلاف درهم، فاشتراه مولى لمعاوية وجعله للمسلمين، ويقال إنه بالمدينة، ودفن في حجرة عائشة ورأسه بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان يأخذ من بيت المال في كل يوم ثلاثة دراهم، وكان قال لعائشة: انظري يا بنية ما زاد في مال أبي بكر منذ وليت هذا الأمر فرديه على المسلمين، فنظرت فإذا بكر وقطيفة لا تساوي خمسة دراهم ومجشة، فلما جاء بذلك الرسول إلى عمر قال: رحم الله أبا بكر لقد كلف من بعده تعباً.
وروي أن أبا بكر خرج بعد البيعة ومعه ميزان ورزمة ثياب تحت يده وخرج إلى السوق فقيل له: ما هذا فقال: أكتسب لنفسي وعيالي، فأجمعوا رأيهم وفرضوا له في كل يوم درهماً وثلثي درهم من بيت مال المسلمين.
وأبو بكر رضي الله عنه أول من طلب من النبي صلى الله عليه وسلم الدلالة على نبوته، وسبب ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه كان باليمن في تجارة، ونبِّئ النبي صلى الله عليه وسلم وهو غائب، فنزل أبو بكر رضي الله عنه في طريقه على دير فيه راهب باليمن هو ورفقته، فسألهم الراهب: هل فيكم خطيب قالوا: نعم، وأشاروا إلى أبي بكر رضي الله عنه، فدعاه إليه وحده فقال له الراهب: من أين أنت فقال: من مكة، فقال: هل ظهر بها أحد يدعي النبوة فقال: لا، فقال الراهب: عندي صورة أريكها فإن عرفت أحداً يشبهها فعرفني، فعرض عليه الصورة فقال: هذه صورة رجل يعرف بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فقال الراهب: هذا هو النبي المدعو به وهو خاتم الأنبياء، يظفر بأعدائه ويعلو دينه الأديان. فقال أبو بكر رضي الله عنه: