للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكر الجهشياري في كتاب " أخبار الوزراء " (١) أن حبيب بن عبد الله بن رغبان المذكور في هذا النسب كان كاتباُ في أيام الخليفة المنصور، وكان يتقلد الاعطاء، وكان موجوداً في سنة ثلاث وأربعين ومائة، وأن ديك الجن الشاعر من ولده، وإليه ينسب مسجد ابن رغبان بمدينة السلام، وأنه مولى حبيب ابن مسلمة الفهري.

(٩٩) قلت: وحبيب بن مسلمة كان من خواص معاوية، وله معه في وقعة صفين آثار شكرها له، ولما استقر الأمر لمعاوية سير حبيباً في بعض مهامه، فلقيه الحسن بن علي، رضي الله عنهما، وهو خارج فقال له: يا حبيب، رب مسيرٍ لك في غير طاعة الله، فقال له حبيب: أما إلى أبيك فلا، فقال له الحسن: بلى والله، ولقد طاوعت معاوية على دنياه، وسارعت في هواه، فلئن قام بك في دنياك فقد قعد بك في دينك، فليتك إذ أسأت الفعل أحسنت القول، فتكون كما قال الله تعالى " وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً " " التوبة: ١٠٢ " ولكنك كما قال الله تعالى " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " " المطففين: ١٤ ". وكنية حبيب هذا أبو عبد الرحمن، ولاه معاوية أرمينية فمات بها سنة اثنتين وأربعين للهجرة ولم يبلغ خمسين سنة.

وكانت لديك الجن جارية يهواها اسمها دنيا، فاتهمها بغلامه الوصيف فقتلها ثم ندم على ذلك فأكثر من التغزل فيها، فمن ذلك قوله (٢) :

يا طلعة طلع الحمام عليها ... وجنى لها ثمر الردى بيديها

رويت من دمها الثرى ولطالما ... روى الهوى شفتي من شفتيها

مكنت سيفي من مجال خناقها ... ومدامعي تجري على خديها

فوحق نعليها وما وطئ الحصى ... شيء أعز علي من نعليها

ما كان قتليها لأني لم أكن ... أبكي إذا سقط الغبار عليها


(١) أخبار الوزراء: ١٠٢.
(٢) ديوانه: ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>