ومجالسه، ثم واظب دروس إمام الحرمين أبي المعالي حتى حصل طريقته في المذهب والخلاف ثم خرج للحج فوصل إلى بغداد وعقد بها مجلس وعظ، وحصل له قبول عظيم وحضر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي مجلسه وأطبق علماء بغداد على أنهم لم يروا مثله، وكان يعظ في المدرسة النظامية ورباط شيخ الشيوخ، وجرى له مع الحنابلة خصام بسبب الاعتقاد لأنه تعصب للأشاعرة وانتهى الأمر إلى فتنة قتل فيها جماعة من الفريقين، وركب أحد أولاد نظام الملك حتى سكنها، وبلغ الخبر نظام الملك وهو بأصبهان، فسير إليه وإستدعاه فلما حضر عنده زاد في إكرامه ثم جهزه إلى نيسابور فلما وصلها لازم الدرس والوعظ إلى أن قارب انتهاء أمره فأصابه ضعف في أعضائه وأقام كذلك مقدار شهر، ثم توفي ضحوة نهار الجمعة الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وخمسمائة بنيسابور، ودفن في المشهد المعروف بهم، رحمه الله تعالى.
وكان يحفظ من الشعر والحكايات شيئاً كثيراً، ورأيت له في بعض المجاميع هذه الأبيات، وذكرها السمعاني في " الذيل " أيضاً:
القلب نحوك نازع ... والدهر فيك منازع
جرت القضية بالنوى ... ما للقضية وازع
الله يعلم أنني ... لفراق وجهك جازع وتوفي شيخه أبو علي الدقاق المذكور في سنة اثنتي عشرة وأربعمائة.
والقشيري: بضم القاف وفتح الشين المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها راء، هذه النسبة إلى قشير بن كعب، وهي قبيلة كبيرة.
وأستوا: بضم الهمزة وسكون السين المهملة وضم التاء المثناة من فوقها أو فتحها وبعدها واو ثم ألف، وهي ناحية بنيسابور كثيرة القرى خرج منها جماعة من العلماء.