للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان عند جدته في دار العادل والعادل يحنو عليه ويعزه (١) ، ثم إن العادل جهز عباساً إلى جهة الشام بسبب الجهاد، وكان معه أسامة بن منقذ - المذكور في حرف الهمزة (٢) - فلما وصل إلى بلبيس وهو مقدم الجيش الذي صار في صحبته تذاكرا طيب طيب الديار المصرية وحسنها وما هي عليها، وكونه يفارقها ويتوجه للقاء العدو ويقاسي البيكار، فأشار عليه أسامة على ما قيل بقتل العادل، ويستقل هو بالوزارة ويستريح من البيكار (٣) ، وتقرر بينهما أن ولده نصراً يباشر ذلك إذا رقد العادل، فإنه ومعه في الدار ولا ينكر عليه ذلك. وحاصل الأمر أن نصراً قتله على فراشه يوم الخميس سادس المحرم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، بدار الوزارة بالقاهرة المحروسة، رحمه الله تعالى، وتفصيل الواقعة يطول (٤) . وقيل إنه قتل يوم السبت حادي عشر المحرم من السنة المذكورة.

وكان والده في صحبة سقمان بن أرتق صاحب القدس، فلما أخذ الأفضل أمير الجيوش القدس من سقمان - كما هو مذكور في ترجمة أبيه أرتق (٥) - وجد فيه طائفة من عسكر سقمان، فضمهم الأفضل إليه؛ وكان في جملتهم السلار والد العادل المذكور، فأخذه الأفضل إليه، وتقدم عنده، وسماه " ضيف الدولة " وأكرم ولده هذا، وجعل في صبيان الحجر، ومعنى صبيان الحجر عندهم: أن يكون لكل واحد منهم فرس وعدة، فإذا قيل له عن شغلٍ، ما يحتاج أن يتوقف فيه، وذلك على مثال الداوية والاسبتار (٦) ، فإذا تميز صبي من هؤلاء بعقل وشجاعة قدم للإمرة، فترجح العادل بهذه الصفات وزاد عليها بالحزم والهيبة وترك المخالطة، فأمره الحافظ، وولاه الإسكندرية، وكان


(١) ر: ويبره.
(٢) المجلد الأول: ١٩٥.
(٣) أشكلت هذه اللفظة على بعض النساخ فكتبت في ر: النكال؛ وهي كما أثبتناها في لي ن والمسودة، والبيكار هو ميدان الحرب.
(٤) هنا تنتهي الترجمة في س ل لي ن.
(٥) المجلد الأول: ١٩١.
(٦) الداوية أو الديوية (Templars) والاسبتار (Hospitalers) منظمتان للافرنج في الحروب الصليبية، كان لهما دور هام في تلك الحروب وفيما بعدها كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>