للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك سفك دم ولا حرب، فأخبروه أن الأمر يسلم إليه عفواً، وأن جميع من وراءهم من الجند والقواد والكتاب قد رضوا، فبايعهم على ذلك، وكان الرأس في ذلك محمد بن داود بن الجراح وأبا المثنى أحمد بن يعقوب القاضي، وواطأ محمد بن داود جماعة من القواد على الفتك بالمقتدر والعباس بن الحسن؛ قلت: وكان وزير المقتدر يومئذ.

قال الطبري: وكان العباس بن الحسن على ذلك قد واطأ جماعة من القواد على خلع المقتدر والبيعة لعبد الله بن المعتز، فلما رأى أمره مستوسقاً له مع المقتدر على ما يحب بدا له فيما كان قد عزم عليه من ذاك، فحينئذ وثب به الآخرون فقتلوه، يعني الوزير المذكور، وقال الطبري: وكان الذي تولى قتله [بدر الأعجمي] والحسين بن حمدان ووصيف بن صوارتكين، وذلك يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول، ولما كان من غد هذا اليوم، وهو يوم الأحد، خلع المقتدر الكتاب والقواد وقضاة بغداد (١) ، وبايعوا عبد الله بن المعتز ولقبوه الراضي بالله، وكان الذي يأخذ البيعة على القواد ويلي استحلافهم والدعاء بأسمائهم محمد بن سعيد الأزرق كاتب الجيش. وفي هذا اليوم كانت بين الحسين بن حمدان وبين غلمان الدار حرب شديدة من غدوة إلى انتصاف النهار، وفي هذا اليوم انفضت الجموع التي كان ابن داود جمعها لبيعة ابن المعتز عنه، وذلك أن الخادم الذي يدعى مؤنساً حمل غلاماً من غلمان الدار في الشذوات - قلت: وهي عندهم المراكب - قال: فصاعد بها وهم فيها وهي في دجلة، فلما جاوزوا الدار (٢) التي فيها ابن المعتز ومحمد بن داود صاحوا بهم ورشقوهم بالنشاب، فتفرقوا وهرب من كان في الدار من الجند والقواد والكتاب وهرب ابن المعتز، ولحق بعض الذين بايعوا ابن المعتز بالمقتدر، فاعتذروا إليه بأنهم منعوا (٣) من المصير إليه، واستخفى بعضهم، فطلبوا وأخذوا وقتلوا وانتبهت العامة دور ابن داود، وأخذ ابن المعتز فيمن أخذ؛ انتهى كلام (٤) الطبري في ذلك.


(١) لي: والقضاة.
(٢) ر: الدكة.
(٣) ر: بأنه منع.
(٤) ر: ما ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>