للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه بالشام، ورتب بالديار المصرية ولده الملك العزيز عثمان - المقدم ذكره (١) - ومعه الملك العادل، فشق ذلك على تقي الدين وعزم على دخوله بلاد المغرب ليفتحها، فقبح أصحابه عليه ذلك، فامتثل قول عمه صلاح الدين وحضر إلى خدمته. وخرج السلطان التقاه بمرج الصفر، واجتمعا هناك في الثالث والعشرين من شعبان سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وفرح به وأعطاه حماة، فتوجه إليها (٢) وتوجه إلى قلعة منازكرد من نواحي خلاط ليأخذها، فحاصرها مدة، وتوفي عليها يوم الجمعة تاسع عشر شهر رمضان، سنة سبع وثمانين وخمسمائة وقيل بل توفي ما بين خلاط وميافارقين، ونقل إلى حماة، ودفن بها.

(١٣٨) وترتب مكانه ولده الملك المنصور ناصر الدين أبو المعالي محمد بن عمر، ومات يوم الاثنين الثاني والعشرين من ذي القعدة سنة سبع عشرة وستمائة بحماة، رحمهما الله تعالى.

ورأيت بخطي في مسوداتي أن تقي الدين مولده سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.

قال ابن شداد في " السيرة " (٣) : لما كان يوم الجمعة حادي عشر شوال سنة سبع وثمانين وخمسمائة ركب السلطان إلى جهة العدو وأشرف عليهم، ثم عاد وأمرني بالإشارة إلى الملك العادل بأن يحضر معه علم الدين سليمان بن جندر وسابق الدين بن الداية وعز الدين بن المقدم؛ فلما مثلت بين يديه الجماعة بخدمته، أمر بإخلاء المكان من غير المذكورين وإبعاد الناس عن الخيمة، وكنت من جملة الحاضرين؛ فأخرج كتاباً من قبائه وفضه ووقف عليه، ففاضت دموعه وغلبه النحيب والبكاء حتى وافقناه من غير أن نعلم السبب في ذلك، ثم ذكر انه يتضمن وفاة الملك المظفر تقي الدين، رحمه الله تعالى، فاستأنف الحاضرون البكاء عليه والأسف، ثم ذكرته الله تعالى وعرفته ما يجب من الانقياد لقضائه وقدره فقال: أستغفر الله، إنا لله وإنا إليه راجعون؛ ثم قال: من المصلحة كتمان ذلك وإخفاؤه لئلا يتصل بالعدو ونحن منازلوه. ثم أمر بإحضار الطعام وأطعم


(١) انظر الترجمة رقم: ٤١٤.
(٢) فإن الملك العادل ... فتوجه إليها: سقط من ر ن س ل لي، وهو في هامش المسودة.
(٣) سيرة صلاح الدين: ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>