فابعث كتابك واستودعه تعزية ... فربما مت شوقاً قبل ما يصل ومع شهرة ديوانه وكثرة وجوده بأيدي الناس لا حاجة إلى الإطالة في إيراد أكثر من هذا (١) .
وكنت خرجت من إربل في أواخر شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة وهو معتقل بقلعتها لأمر يطول شرحه، بعد أن كان قد حبس في قلعة خفتيدكان ثم نقل منها، وله في ذلك أشعار، فمن ذلك قوله أبيات أولها:
قيد أكابده وسجنٌ ضيق ... يا ربي شاب من الهموم المفرق ومنها:
يا برق إن جئت الديار بإربلٍ ... وعلى عليك من التداني رونق
بلغ تحية نازحٍ حسراته ... أبداً بأذيال الصبا تتعلق
قل يا جعلت لك الفداء أسير كم ... من كل مشتاق إليكم أشوق
والله ما سرت الصبا نجديةً ... إلا وكدت بدمع عيني أشرق
كيف السبيل إلى اللقاء ودونه ... شماء شاهقة وباب مغلق وله وهو في السجن أيضاً:
أحبابنا أي داعٍ بالبعاد دعا ... وأي خطبٍ دهانا منه تفريق
لا كان دهرٌ رمانا بالفراق فقد ... أضحى له في صميم القلب تمزيق
كانت تضيق بي الدنيا بغيبتكم ... فكيف سجنٌ ومن عاداته الضيق ثم بلغني بعد ذلك أنه خرج من الاعتقال، واتصل بخدمة الملك المعظم مظفر الدين صاحب إربل، رحمه الله تعالى، وتقدم عنده وغير لباسه وتزين بزي الصوفية، فلما توفي مظفر الدين - في التاريخ الأتي ذكره في ترجمته إن شاء الله تعالى - سافر عن إربل ثم عاد إليها وقد صارت في مملكة أمير المؤمنين
(١) في هامش ل ثلاثة أبيات له وقد ذهب أكثر ألفاظها لتطرفها، وهي بخط مخالف لخط النسخة.