للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستنصر بالله ونائبه بها الأمير شمس الدين أبو الفضائل باتكين، فأقام مديدة، وكان ورأه من يقصده، فاتفق أن خرج يوماً من بيته قبل الظهر، فوثب عليه شخص وضربه بسكين فأخرج حشوته، فكتب في تلك الحال إلى بآتكين المذكور وهو يكابد الموت:

أشكوك يا ملك البسيطة حالة ... لم تبق رعباً (١) في عضواً ساكنا

إن تستبح إبلي لقيطة معشر ... ممن أومل غير جأشك مازنا (٢)

ومن العجائب كيف يمسي (٣) خائفاً ... من بات في حرم الخلافة آمنا (٤) ثم توفي بعد ذلك من يومه في يوم الخميس ثاني شوال سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، ودفن في مقبرة باب الميدان، رحمه الله تعالى، وتقدير عمره خمسون سنة.

(١٤٤) وباتكين المذكور كان أرمني الجنس، وهو مملوك أم الخليفة الإمام الناصر لدين الله، ولما أخذ التتر إربل في الدفعة الأولى في أواخر سنة أربع وثلاثين وستمائة رجع إلى بغداد ومات بها يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شوال سنة أربعين وستمائة، ودفن بالشونيزية.

والحاجري: بفتح الحاء المهملة وبعد الألف جيم مكسورة وبعدها راء، هذه النسبة إلى حاجر، وكانت بليدة (٥) بالحجاز ولم يبق منها اليوم سوى الآثار، ولم يكن الحاجري منها، بل لكونه استعملها في شعره كثيراً نسب إليها، وهو إربلي الأصل والمولد والمنشأ، ولما غلبت عليه هذه النسبة وعرف بها واشتهرت بحيث صارت كالعلم عليه عمل في ذلك دوبيت، وهو (٦) :

لو كنت كفيت من هواك البينا ... ما بات يحاكي دمع عيني عينا


(١) كتب في المسودة " روعاً " وضبب عليها وكتب " رعباً ".
(٢) يشير إلى قول الحماسي:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي ... بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا (٣) س: يصبح؛ ل: يمشي.
(٤) كان قد كتب في المسودة: يا للعجائب كيف يصبح خائفاً، ثم ضرب عليه ووضع ما أثبتناه.
(٥) ل: بلدة.
(٦) ر: وهو هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>