يتصل بهما في موضع آخر) .وقد أضاف موسى إلى الكتاب فوائد جليلة يتصل كثير منها بأبيه، ويلقي على جوانب من شخصيته وعلاقاته أضواء كاشفة، وكان يضع بين هذه الفوائد المضافة وبين المتن جملة فاصلة يبدأها بقوله:" قال كاتبه موسى بن أحمد لطف الله به " وقد أدرجنا جميع هذه الفوائد في هوامش الكتاب لإيماننا بأنها مفيدة ومنها ما يصور جانباً من ثقافة صانع المختار.
وقد أعطانا المختار أحياناً فكرة عن مدى ما أدرجه المؤلف في الترجمة الواحدة، بحيث تأكد لنا أن بعض ما استقلت به مفردات النسخ إنما كان من عمل المؤلف نفسه، وأثبت لدينا أن مجموعة كبيرة من النسخ التي اعتمدناها لا تمثل الشكل النهائي للكتاب، كما أراده مؤلفه، وأن الزيادات التي انفردت بها النسخة (ر) علة وجه الخصوص، هي من أصل المؤلف أيضاً (في هذا القسم من الكتاب) فأما زيادات (مج) فليس هناك ما يثبت، ولو مرة واحدة أنها أصيلة في الكتاب. وكذلك اتضح أن بعض التراجم التي لم ترد في كثير من النسخ (مثل ترجمة يعقوب بن الليث الصفار) إنما هي مما أثبته المؤلف نفسه، لأنها وردت في المختار. أما التراجم التي لم يرد لها ذكر في المختار فلا نقطع بأنها دخيلة لأن المختار يقوم في أساسه على الإيجاز والحذف؛ وقد أهمل صاحب المختار - على هذا الأساس - بعض التراجم كما أنه كان شديد الإيجاز في ما يختاره من بعضها الآخر، وليس له في اختياره منهج محدد، فهو حيناً يهتم بإيراد الشعر، وحيناً يهتم بإيراد الخبر، ومرة ثالثة يكاد لا يحذف شيئاً من الترجمة. غير أنه كان يقدم ويؤخر حسبما تمليه عليه طريقته، ويجمع الأشياء المتشابهة في نطاق، ويحذف في الغالب اسم المصدر المنقول عنه. ونراه في أحيان أخرى يجمل الخبر على طريقته الخاصة، ولكنه في ذلك كله لم يحاول أن يغير في العبارة الأصلية للمؤلف أو أن يقحم في السياق ما ليس من الأصل دون أن ينبه إليه؛ وقد اعتذر عن الطريقة التي جرى عليها في اختياره بقوله في الخاتمة:" وقد قدمت في أول هذا المختار أنني اخترت منه ونقلته تذكرة لنفسي، فليعذر من يقف على ذلك، فأن الآراء والأهواء تختلف، والله أعلم ".
ومع ذلك كله فإن المختار سيبقى ذا قيمة كبيرة حتى بعد أن تكتشف