للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثلاثين وخمسمائة، فسمعتها (١) منه، وتوجه منها مصعدا إلى بغداد فوصلها وأقام بها مدة يسيرة وتوفي بها، رحمه الله تعالى [وكذا ذكره السمعاني في الذيل والعماد في الخريدة وقال: لقبه فخر الدين، وتولى صدرية المشان، ومات بها بعد سنة أربعين وخمسمائة] (٢) .

وأما تسمية الراوي لها بالحارث بن همام فإنما عنى به نفسه، هكذا وقفت عليه في بعض شروح المقامات، وهو مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم كلكم حارث وكلكم همام فالحارث الكاسب، والهمام الكثير الاهتمام، وما من شخص إلا وهو حارث وهمام، لأن كل واحد كاسب ومهتم بأموره.

وقد اعتنى بشرحها خلق كثير: فمنهم من طول، ومنهم من اختصر (٣) .

ورأيت في بعض المجاميع أن الحريري لما عمل المقامات كان قد عملها أربعين مقامة، وحملها من البصرة إلى بغداد وادعاها، فلم يصدقه في ذلك جماعة من أدباء بغداد، وقالوا: إنها ليست من تصنيفه، بل هي لرجل مغربي من أهل البلاغة مات بالبصرة ووقعت أوراقه إليه فادعاها، فاستدعاه الوزير إلى الديوان وسأله عن صناعته، فقال: أنا رجل منشيء، فاقترح عليه إنشاء رسالة في واقعة عينها، فانفرد في ناحية من الديوان، وأخذ الدواة والورقة ومكث زمانا كثيرا فلم يفتح الله سبحانه عليه بشيء من ذلك، فقام وهو خجلان، وكان في جملة من أنكر دعواه في عملها أبو القاسم علي بن أفلح الشاعر - المقدم ذكره - فلما لم يعمل الحريري الرسالة التي اقترحها الوزير أنشد ابن أفلح، وقيل إن هذين البيتين لأبي محمد ابن أحمد المعروف بابن جكينا الحريمي البغدادي الشاعر المشهور (٤) :

شيخ لنا من ربيعة الفرس ... ينتف عثنونه من الهوس

أنطقه الله بالمشان كما ... رماه وسط الديوان بالخرس


(١) ر بر: فسمعنا منه، وكذلك عند القفطي.
(٢) انفردت به ر.
(٣) ن: قصر.
(٤) وقيل ... المشهور: وقع هذا بعد البيتين في س.

<<  <  ج: ص:  >  >>