للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الحريري يزعم أنه من ربيعة الفرس، وكان مولعا بنتف لحيته عن الفكرة، وكان يسكن في مشان البصرة، فلما رجع إلى بلده عمل عشر مقامات أخر وسيرهن، واعتذر من عيه وحصره في الديوان (١) بما لحقه من المهابة.

وللحريري تواليف حسان منها درة الغواص في أوهام (٢) الخواص ومنها ملحة الاعراب المنظومة في النحو، وله أيضا شرحها، وله ديوان رسائل وشعر كثير غير شعره الذي في المقامات، فمن ذلك قوله وهو معنى حسن:

قال العواذل ما هذا الغرام به ... أما ترى الشعر في خديه قد نبتا

فقلت والله لو أن المفند لي ... تأمل الرشد في عينيه ما ثبتا

ومن أقام بأرض وهي مجدبة ... فكيف يرحل عنها والربيع أتى وذكر له العماد الكاتب في الخريدة:

كم ظباء بحاجر ... فتنت بالمحاجر

ونفوس نفائس ... خدرت بالمخادر

وتثن لخاطر ... هاج وجدا لخاطري

وعذار لأجله ... عاذلي عاد عاذري

وشجون تضافرت ... عند كشف الضفائر وله قصائد استعمل فيها التجنيس كثيرا.

ويحكى أنه كان دميما قبيح المنظر، فجاءه سخص غريب يزوره ويأخذ عنه شيئا، فلما رآه استزرى شكله (٣) ، ففهم الحريري ذلك منه، فلما التمس منه أن يملي عليه قال له: اكتب:

ما أنت أول سار نحره قمر ... ورائد أعجبته (٤) خضرة الدمن


(١) بر: بالديوان.
(٢) ن: درة الغواص وإفهام.
(٣) ل: بشكله.
(٤) لي: خدعته.

<<  <  ج: ص:  >  >>