للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان لكثير غلام عطار بالمدينة، وربما باع نساء العرب بالنسيئة، فأعطى عزة وهو لا يعرفها شيئا من العطر، فمطلته أياما، وحضرت إلى حانوته في نسوة فطالبها: فقالت له: حبا وكرامة، ما أقرب الوفاء وأسرعه، فأنشد متمثلا:

قضى كل ذي دين فوفى غريمه ... وعزة ممطول معنى غريمها فقالت النسوة: اتدري من غريمتك قال: لا والله، فقلن: هي والله عزة فقال: أشهدكن الله أنها في حل مما لي قبلها، ثم مضى إلى سيده فأخبره بذلك، فقال كثير: وأنا أشهد الله أنك حر لوجهه، ووهبه جميع ما في حانوت العطر، فكان ذلك من عجائب الاتفاق.

ولكثير في مطالها (١) بالوعد شعر كثير، فمن ذلك قوله:

أقول لها عزيز مطلت ديني ... وشر الغانيات ذوو المطال

فقالت ويح غيرك كيف أقضي ... غريما ما ذهبت له بمال (٢) وله:

وقد زعمت أني تغيرت بعدها ... ومن ذا الذي يا عز لا يتغير

تغير جسمي والخليقة كالذي ... عهدت ولم يخبر بسرك مخبر ولما قتل يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وجماعة من أهل بيته بعقر بابل - وسيأتي خبر ذلك في ترجمته إن شاء الله تعالى - وكانوا يكثرون الإحسان إلى كثير، فلما بلغه ذلك قال: ما أجل الخطب! ضحى بنو حرب (٣) بالدين يوم الطف وضحى بنو مروان بالكرم يوم العقر، وأسبلت عيناه بالدموع.


(١) ر: ولكثير المذكور في مطالبتها.
(٢) بعد هذا الموضع وردت في ر زيادة وقد أثبتناها في ملحقات الجزء الأول على ترجمة جميل منقولة من ص (انظر ج! ١: ص ٤٨٠) .
(٣) ر: بنو أبي سفيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>