للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أصله بما وصلتني به فقال له المأمون: بل ذلك موفر عليك ونأمر له بمثله، فقال له إسحاق: أما إذا أقررت بهذه فتوهمني تجدني، فقال له: ما أظنك إلا إسحاق الموصلي الذي تناهى إلينا خبره، فقال: أنا حيث ظننت، فأقبل عليه بالتحية والسلام، فقال المأمون وقد طال الحديث بينهما: أما إذا اتفقتما على المودة فانصرفا، فانصرف العتابي إلى منزل إسحاق فأقام عنده.

كتب المأمون في إشخاص العتابي فلما دخل عليه قال له: يا كلثوم بلغني وفاتك فساءني ثم يلغني وفادتك فسرتني، فقال له العتابي: يا أمير المؤمنين، لو قسمت هاتان الكلمتان على أهل الأرض لوسعتهم فضلا وإنعاما وقد خصصتني منهما بما لا يتسع له أمنية ولا ينبسط لسواه أمل، لأنه لا دين إلا بك ولا دنيا إلا معك، قال: سلني، قال: يدك بالعطاء أطلق من لساني بالمسألة، فوصله صلة سنية وبلغ به من التقديم والإكرام أعلى محل.

قال الأصمعي: كتب كلثوم بن عمرو العتابي إلى رجل:

ان الكريم ليخفى عنك عسرته ... حتى تراه غنيا وهو مجهود

وللبخيل على أمواله علل ... زرق العيون عليها أوجه سود

بث النوال ولا يمنعك قلته ... فكل ما سد فقرا فهو محمود قال: فشاطره ماله حتى بعث إليه بنصف خاتمه وفرد نعله.

قال مالك بن طوق للعتابي: يا أبا عمرو، رأيتك كلمت فلانا فأقللت كلامك، قال: نعم كانت معي حيرة الداخل وفكرة صاحب الحاجة وذل المسألة وخوف الرد مع [شدة الطمع] .

وقيل للعتابي: قد فلح () ابن مسلم الخلق، قال: لعله أكل من شعره. ومثل ذلك اجتمع قوم من الشعراء على فالوذجة حارة فقال أحدهم يخاطب شخصا منهم: كأنها مكانك من النار، قال له: أصلحها ببيب من شعرك.

قيل: كان مروان بن السمط يرمى في شعره بالبرد، وكانت له بغلة بالبصرة لا يفارق ركوبها فقال الجماز يهجوه ...

<<  <  ج: ص:  >  >>