وجاءت امرأة إلى الليث فقالت: يا أبا الليث فقالت: يا أبا الحارث، إن ابنا لي عليل واشتهى عسلا، فقال: يا غلام، اعطها مرطا من عسل، والمرط عشرون ومائة رطل، وقال غيره: سألت المرأة منا من عسل فأمر لها بزق فقال له كاتبه: إنما سألت منا فقال: إنها سألتني على قدرها فأعطيناها على قدر السعة.
وقال الحارث بن مسكين: اشترى قوم من الليث بن سعد ثمرة فاستغلوها فاستقالوه فأقالهم ثم دعا بخريطة فيها أكياس فأمر لهم بخمسمائة دينار (١) ، فقال له الحارث ابنه في ذلك فقال: اللهم غفرا، إنهم كانوا أملوا فيه أملا فأحببت أن أعوضهم من أملهم بهذا.
وقال شعيب بن الليث: خرجت مع أبي حاجا فقدم المدينة فبعث إليه مالك بن أنس بطبق رطب فجعل على الطبق ألف دينار ورده إليه.
قال أشهب بن عبد العزيز: كان لليث بن سعد كل يوم أربعة مجالس يجلس فيها، أما أولها فيجلس ليأتيه السلطان في نوائبه وحوائجه، وكان الليث يغشاه السلطان فإن أنكر من القاضي أمرا أو من السلطان كتب إلى أمير المؤمنين فيأتيه العزل، ويجلس لأصحاب الحديث، وكان يقول: نجحوا أصحاب الحوانيت فإن قلوبهم معلقة بأسواقهم، ويجلس للمسائل يغشاه الناس فيسألونه، ويجلس لحوائج الناس لا يسأله أحد من الناس فيرده، كبرت حاجته أو صغرت، قال: وكان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر، وفي الصيف سويق اللوز بالسكر.
قال أبو رجاء قتيبة: قفلنا مع الليث بن سعد من الإسكندرية وكان معه ثلاث سفائن: سفينة فيها مطبخه، وسفينة فيها عياله، وسفينة فيها أضيافه.
وقال ابن بكير: سمعت الليث بن سعد كثيرا ما يقول: أنا أكبر من ابن لهيعة، والحمد لله الذي متعنا بعقلنا. وكان الليث أكبر من ابن لهيعة ولكن إذا نظرت إليهما تقول ذا ابن وذا أب، يعني ابن لهيعة الأب.