للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نود غراما لو أنا نباع ... سواد الدجى بسواد الحدق وكان قد وصل إلى إربل بعض الشعراء وهو الشرف عبد الرحمن بن أبي الحسن بن عيسى بن علي بن يعرب البوازيجي الشاعر في سنة ثمان وعشرين وستمائة وشرف الدين يومئذ وزير، فسير له مثلوما على يد شخص كان في خدمته يقال له الكمال بن الشعار الموصلي صاحب التاريخ (١) - والمثلوم: عبارة عن دينار تقطع منه قطعة صغيرة وقد جرت عادتهم في العراق وتلك البلاد أن يفعلوا مثل هذا، لأنهم يتعاملون بالقطع الصغار، ويسمونها القراضة، ويتعاملون أيضا بالمثلوم، وهو كثير الوجود بأيديهم في معاملاتهم - فجاء الكمال إلى ذلك الشعر وقال له: الصاحب يقول لك: أنفق الساعة هذا حتى يجهز لك شيئا يصلح لك، فتوهم ذلك الشاعر أن يكون الكمال قد قرض القطعة (٢) من الدينار، وأن شرف الدين ما سيره (٣) إلا كاملا، وقصد استعلام الحال من جهة شرف الدين، فكتب إليه:

يا أيها المولى الوزير ومن به ... في الجود حقا تضرب الأمثال

أرسلت بدر التم عند كماله ... حسنا فوافى العبد وهو هلال

ما غاله النقصان إلا أنه ... بلغ الكمال، كذلك الآجال فأعجب شرف الدين بهذا (٤) المعنى وحسن الاتفاق، وأجاز الشاعر وأحسن إليه.

وكنت خرجت من إربل في سنة ست وعشرين وستمائة وشرف الدين مستوفي الديوان، والاستيفاء في تلك البلاد منزلة عليه، وهو تلو الوزارة، ثم بعد ذلك تولى الوزارة في سنة تسع وعشرين وستمائة، وشكرت سيرته فيها، ولم


(١) هو صاحب عقود الجمان الذي نشير إليه في التعليقات.
(٢) ن لي: تلك القطعة.
(٣) ن: أرسل.
(٤) ن ر بر: هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>