للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزل عليها إلى أن مات مظفر الدين في التاريخ المذكور في ترجمته في حرف الكاف (١) رحمه الله تعالى، وأخذ الإمام المستنصر إربل في منتصف شوال من السنة المذكورة فبطل شرف الدين وقعد في بيته، والناس يلازمون خدمته على ما بلغني، ومكث كذلك إلى أن أخذ التتر مدينة إربل في سابع عشرين شوال سنة (٢) أربع وثلاثين وستمائة، وجرى عليها وعلى أهلها ما قد اشتهر، فكان شرف الدين في جملة من اعتصم بالقلعة وسلم منهم، ولما انتزح التتر عن القلعة انتقل إلى الموصل وأقام بها في حرمة وافرة، وله راتب يصل إليه، وكان عنده من الكتب النفيسة شيء كثير. ولم يزل على ذلك حتى توفي بالموصل يوم الأحد لخمس خلون من المحرم سنة سبع وثلاثين وستمائة، ودفن بالمقبرة السابلة خارج باب الجصاصة. ومولده في النسف من شوال سنة أربع وستين وخمسمائة بقلعة إربل. وهو من بيت كبير كان فيه جماعة (٣) من الرؤساء الأدباء. وتولى الاستيفاء بإربل والده وعمه صفي الدين أبو الحسن علي بن المبارك.

(١٥٩) وكان عمه المذكور فاضلا وهو الذي نقل نصيحة الملوك تصنيف حجة الإسلام أبي حامد الغزالي من اللغة الفارسية إلى العربية، فإن الغزالي لم يضعها إلا بالفارسية، وقد ذكر ذلك شرف الدين في تاريخه، وكنت أسمع ذلك أيضا عنه أيام كنت في تلك البلاد، ووكان ذلك مشهورا بين الناس.

(١٦٠) ولما مات شرف الدين رثاه صاحبنا الشمس أبو العز يوسف بن النفيس الإربلي المعروف بشيطان الشام، ومولد شيطان الشام سنة (٤) ست وثمانين وخمسمائة بإربل، وتوفي بالموصل سادس عشر شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة، ودفن بمقبرة باب الجصاصة، وفيه يقول:

أبا البركات لو درت المنايا ... بأنك فرد عصرك لم تصبكا


(١) انظر ما تقدم ص: ١١٣.
(٢) ت: في بعض شهور سنة؛ وفي المختار: في سابع عشر شوال سنة ... الخ.
(٣) ت ر: باربل.
(٤) ر: ومولده سنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>