للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن الحسن (١) ، فرجع محمد إلى منزله وخلا به يومه إلى الليل، ولم يأذن لأحد عليه.

والشافعي أول من تكلم في أصول الفقه وهو الذي استنبطه، وقال أبو ثور: من زعم انه رأى مثل محمد بن إدريس في علمه وفصاحته ومعرفته وثباته وتمكنه فقد كذب، كان منقطع القرين في حياته، فلما مضى لسبيله لم يعتض منه. وقال أحمد بن حنبل: ما أحد ممن بيده محبرة أو ورق إلا وللشافعي في رقبته منة. وكان الزعفراني يقول: كان أصحاب الحديث رقودا حتى جاء الشافعي فأيقظهم فتيقظوا. ومن دعائه: اللهم يا لطيف أسألك اللطف فيما جرت به المقادير، وهو مشهور بين العلماء بالإجابة، وأنه مجرب (٢) . وفضائله أكثر من أن تعدد.

وموله سنة خمسين ومائة، وقد قيل إنه ولد في اليوم الذي توفي فيه الإمام أبو حنيفة (٣) ، وكانت ولادته بمدينة غزة، وقيل بعسقلان، وقيل باليمن، والأول أصح، وحمل من غزة إلى مكة وهو ابن سنتين فنشأ بها وقرأ القرآن الكريم، وحديث رحلته إلى مالك بن أنس مشهور فلا حاجة إلى التطويل فيه، وقدم بغداد سنة خمس وتسعين ومائة فأقام بها سنتين، ثم خرج إلى مكة، ثم عاد إلى بغداد سنة ثمان وتسعين ومائة فأقام بها شهرا، ثم خرج إلى مصر، وكان وصوله إليها في سنة تسع وتسعين ومائة، وقيل سنة إحدى ومائتين. ولم يزل بها إلى أن توفي يوم الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين، ودفن بعد العصر من يومه بالقرافة الصغرى، وقبره يزار بها بالقرب من المقطم، رضي الله عنه.

قال الربيع بن سليمان المرادي: رأيت هلال شعبان وأنا راجع من جنازته، وقال: رأيته في المنام بعد وفاته فقلت: يا أبا عبد الله، ما صنع الله بك فقال: أجلسني على كرسي من ذهب، ونثر علي اللؤلؤ الرطب. وذكر الشيخ


(١) ن: ولقد جاءه يوماً الشافعي فلقي محمد بن الحسن وقد ركب.
(٢) ومن دعائه ... مجرب: سقط من ن لي س بر.
(٣) بهامش المختار: ولا يصح، بل ولد في السنة التي توفي بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>