للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال لي المبرد خل قومي ... فقومي معشر فيهم نذالة فقلت: أعرف هذه الأبيات لعبد الصمد بن المعذل يقولها فيه؛ قال: كذب من ادعاها غيره، هذا كلام رجل لانسب له يريد أن يثبت بهذا الشعر نسبا له. قلت: أنت أعلمن قال: ياهذا قد غلبت بخفة روحك على قلبي وتمكنت من إنصاتك من استحساني، وقد أخرت ماكان يجب أن أقدمه، الكنية أصلحك الله، فقلت: أبو العباس، قال: فالاسم قلت: محمد، قال: فالأب قلت: يزيد، قال: قبحك الله، أحوجتني إلى الاعتذار إليك مما قدمت ذكره؛ ثم وثب باسطا كفه لمصافحتي، فرأيت القيد في رجله قد شد إلى خشبة في الأرض، فأمنت عند ذلك غائلته، فقال لي: ياأبا العباس، صن نفسك عن الدخول إلى هذه المواضع فليس يتهيألك في كل وقت أن تصادف مثلي على مثل هذه الحال الجميلة، أنت المبرد أنت المبرد أنت المبرد، وجعل يصفق وقد انقلبت عينه وتغيرت حليته، فبادرت مسرعا خوفا من ان يبدر لي منه شيء [أو] بادرة، وقبلت والله قوه فلم أعاود الدخول إلى محبس ولا غيره.

وقال أبو العباس المبرد: ماتنادر أحد [علي] ما تنادر به سذاب الوراق، فإني اجتزت يوما به وهو قاعد بباب داره، فقال لي: إلى أين ولا طفني وعرض علي القرى، فقلت له: ما عندك فقال: عندي أنت وعليه أنا، يشير إلى اللحم المبرد بالسذاب.

وذكر رجلا عاد المبرد بالبصرة مع جماعة، فغنت جارية من وراء ستارة:

وقالوا لها هذا حبيبك معرض ... فقالت ألا إعراضه أيسر الخطب

فما هي إلا نظرة بتبسم ... فتصطك رجلاه ويسقط للجنب فطرب كل من حضر إلا المبرد، فقال له صاحب المجلس: كنت أحق بالطرب، فقلت الجارية: دعه يامولاي، فإنه سمعني أقول هذا حبيبك معرض فظنني لحنت ولم يعلم أن ابن مسعود قرأ " وهذا بعلي شيخ " - هود:٧٢ - قال: فطرب المبرد من قولها إلى أن شق ثوبه] (١) .


(١) ما بين معقفين زيادة من ق.

<<  <  ج: ص:  >  >>