للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثيرة، فقعد قدامها يفتشى عليه وقعدت انا ناحية عنه، فأخرج منه مجلدا ودفعه إلي ففتحه وتركته في حجري ثم قلت له: قد أخذا عليك فيه، فقال: أي شيء أخذوا فقلت: أنك نسبت أبانواس إلى الغلط في البيت الفلاني، وأنشدته إياه فقال: نعم، غلط في هذا، فقلت له: إنه لم يغلط، بل هو على الصواب، ونسبوك أنت إلى الغلط في تغليطه، فقال: وكيف هذا فعرفته ما قال صاحب العقد فعض على رأس سبابته، وبقي ساهيا ينظر إلي وهو في صورة خجلان ولم ينطق، ثم استيقظت من منامي وهو على تلك الحال، ولم أذكر هذا المنام إلا لغربته.

وكانت ولادة المبرد يوم الاثنين عيد الأضحى سنة عشر ومائتين، وقيل سنة سبع ومائتين ز وتوفي يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ذي الحجة، وقيل ذي القعدة، سنة ست وثمانين، وقيل خمس وثمانين ومائتين ببغداد، ودفن في مقابر باب الكوفة في دار اشتريت له، وصلى عليه أبو محمد يوسف بن يعقوب القاضي، رحمه الله تعالى. ولما مات نظم فيه وفي ثعلب أبو بكر الحسن بن علي المعروف بابن العلاف - المقدم ذكره (١) - أبياتا سائرة، وكان ابن الجواليقي كثيرا ما ينشدها، وهي:

ذهب المبرد وانقضت أيامه ... وليذهبن إثر المبرد ثعلب

بيت من الآداب أصبح نصفه ... خربا وباقي بيتها (٢) فسيخرب

فابكوا لما سلب الزمان ووطنوا ... للدهر أنفسكم على ما يسلب

وتزودوا من ثعلب، فبكأس ما ... شرب المبرد عن قريب يشرب

وأرى لكم أن تكتبوا أنفاسه ... إن كانت الأنفاس مما يكتب وقريب من هذه الأبيات ما أنشده أبو عبد الله الحسين بن علي اللغوي البصري


(١) ترجمة أبي بكر العلاف في المجلد ٢: ١٠٧ ولكن المرزباني أورد الأبيات في نور القبس: ٣٣٣ نسبها لمحمد بن علي بن يسار العلاق (اقرأ: العلاف) الضرير.
(٢) نور القبس: نصفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>