للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصل لها ولا لشيء منها في اللغة، وانصرفوا، وبلغ أبا عمر ذلك، فاجتمع بالقاضي وسأله إحضار دواوين جماعة من قدماء الشعراء عينهم، ففتح القاضي خزانته وأخرج له تلك الدواوين، فلم يزل أبو عمر يعمد إلى كل مسألة ويخرج لها شاهدا من بعض تلك الدواوين ويعرضه على القاضي حتى استوفى جميعها، ثم قال له: وهذان البيتان أنشدهما ثعلب بحضرة القاضي، وكتبهما القاضي بخطه على ظهر الكتاب الفلاني، فأحضر القاضي الكتاب فوجد البيتين على ظهره بخطه كما ذكر أبو عمر بلفظه به.

وقال رئيس الرؤساء (١) : وقد رأيت أشياء كثيرة مما استنكر على أبي عمر ونسب فيها إلى الكذب، فوجدتها مدونة في كتب أهل اللغة، وخاصة في غريب المصنف لأبي عبيد. وقال عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي أبو القاسم (٢) : لم يتكلم في علم اللغة أحد من الأزلين والآخرين أحسن من كلام أبي عمر الزاهد، وله كتاب " غريب الحديث " صنفه على مسند أحمد بن حنبل، وكان يستحسنه جدا.

وقال أبو علي محمد بن الحسن الحاتمي: اعتللت فتأخرت عن مجلس أبي عمر الزاهد، قال: فسأل عني لما تراخت الأيام، فقيل له إنه كان عليلا، فجاءني من الغد يعودني، فاتفق أني كنت قد خرجت من داري إلى الحمام، فكتب بخطه على بابي باسفيداج:

وأعجب شيء سمعنا به ... عليل يعاد فلا يوجد قال: والبيت له.

وكان مغاليا في حب معاوية وعنده جزء من فضائله، وكان إذا ورد عليه من يروم الأخذ عنه ألزمه بقراءة ذلك الجزء. وكانت فضائله جمة ومعلوماته غزيرة، وفي هذا القدر كفاية.

والمطرز: بضم الميم وفتح الطاء المهملة وكسر الراء المشددة وبعدها زاي،


(١) هو أبو القاسم علي بن الحسن بن أحمد المعروف بابن مسلمة (تاريخ بغداد ١٢: ٤٩١) .
(٢) انظر ترجمته في الانباه ٢: ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>