للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السحر، فجعل يتعجب من بكورة، فقال أبو العيناء: أراك تشركني في الفعل، وتفردني بالتعجب. وذكر له أن المتوكل قال: لولا أنه ضرير لنادمناه، فقال: إن أعفاني من رؤية الأهلة وقراءة نقوش الفصوص فأنا أصلح للمنادمة. وقيل له: إلى متى تمدح وتهجو فقال: ما دام المحسن محسنا والمسيء مسيئا، بل أعوذ بالله أن أكون كالعقرب التي تلسب النبي والذمي.

وذكر الزمخشري في كتابربيع الأبرار في باب الظلم قال أبو العيناء فقلت: قد تضافروا علي وصاروا يدا واحدة، فقال: " يد الله فوق أيديهم " - الفتح:١٠ - قلت: فإن لهم مكرا، قال: " ولايحيق المكر السيء إلا بأهله " - فاطر:٤٣ - قلت هم كثير، قال: " كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين " (البقرة:٢٤٩) .

وكان بينه وبين ابن مكرم مداعبات، فسمع ابن مكرم رجلا يقول: من ذهب بصره قلت حيلته، فقال: ما أغفلك عن أبي العيناء! ذهب بصره فعظمت حيلته. وقد ألم أبو علي البصير إلى هذا المعنى يشير به إلى أبي العيناء، فقال:

قد كنت خفت يد الزما ... ن عليك أن ذهب البصر

لم أدر أنك بالعمى ... تغنى ويفتقر البشر وسمع ابن مكرم أبا العيناء يقول في بعض دعائه: يارب سائلك، فقال يا ابن الفاعلة، ومن لست (١) سائله. وقال له ابن مكرم يوما يعرض به: كم عدد المكدين بالبصرة فقال له: مثل عدد البغائين ببغداد.

ودخل على ابن ثوابة عقيب كلام جرى بينه وبين أبي الصقر أربى ابن ثوابة عليه فيه، فقال له: بلغني ماجرى بينك وبين أبي الصقر، وما منعه من استقصاء الجواب إلا أنه لم يجد عزا فيضيعه، ولا مجدا فينقصه، وبعد فإنه عاف لحمك أن يأكل، وسهك (٢) دمك أن يسفكه، فقال ابن ثوابة: وما أنت


(١) ر: ومن لست فاعله؛ ن: ومن الذي ليس، ق: ومن لست بسائله.
(٢) لي: ونهك؛ ن ل ق بر: وسهل؛ س ت: وسفك؛ وسهك بمعنى كره رائحته.

<<  <  ج: ص:  >  >>