للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدخول بيني وبين هؤلاء يامكدي فقال: لاتنكر على ابن ثمانين قد ذهب بصره وجفاه سلطانه أن يعول على إخوانه فيأخذ من أموالهم، ولكن أشد من هذا من يستنزل الماء من أصلاب الرجال فيستفرغه في جوفه، فيقطع أنسابهم ويعظم أوزارهم، فقال ابن ثوابة: ماتساب اثنان إلا غلب ألأمهما، فقال أبو العيناء: وبها غلبت أبا الصقر بالأمس، فأسكته.

ودخل على المتوكل في قصره المعروف بالجعفري سنة ست وأربعين ومائتين فقال له: ما تقول في دارنا هذه فقال: إن الناس بنوا الدور في الدنيا وأنت بنيت الدنيا في دارك، فاستحسن كلامه، ثم قال: كيف شربك للخمر قال: أعجز عن قليله وأفتضح عنده كثيره، فقال له: دع هذا عنك ونادمنا، فقال: أنا رجل مكفوف، وكل من في مجلسك يخدمك، وأنا أحتاج أن أخدم (١) ولست آمن من أن تنظر إلي بعين راض، وقلبك علي غضبان، أو بعين غضبان وقلبك راض، ومتى لم أميز بين هذين هلكت، فأختار العافية على التعرض للبلاء، فقال: بلغنا عنك بذاء في لسانك، فقال: ياأمير المؤمنين، قد مدح الله تعالى وذم، فقال " نعم العبد إنه أواب " - ص:٤٤ - وقال عز وجل (هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم) (القلم:١١) وقال الشاعر:

إذا أنا بالمعروف لم أثن صادقا ... ولم أشتم النكس اللئيم المذمما

ففيم عرفت الخير والشر باسمه ... وشق لي الله المسامع والفما قال: فمن أين أنت، قال: من البصرة، قال: فما تقول فيها قال ماؤها أجاج وحرها عذاب، وتطيب في الوقت الذي تطيب فيه جهنم.

ولما سلم نجاح بن سلمة إلى موسى بن عبد الله الأصبهاني ليستأدي ما عليه من الأموال عاقبه فتلف في مطالبته، وذلك في يوم الاثنين لثمان بقين من ذي القعدة سنة خمس وأربعين ومائتين، وفي تلك الليلة بلغ المعتز بالله ابن المتوكل الخبر (٢) ، فاجتمع بعض الرؤساء بأبي العيناء، فقال له: ما عندك من خبر نجاح


(١) ق: وأنا أحتاج إلى من يخدمني.
(٢) وذلك ... الخبر: سقط من س بر من ل لي ت؛ ق: الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>